يتم ترقب الموعد السنوي لجائزة نوبل للسلام لمعرفة اتجاهات الرأي العام وصانعي الحدث أو كبار المؤثرين في صنع السياسات أو الانجازات.
وخلافا لكل التوقعات هذا العام لم يتم منح هذه الجائزة إلى الإمبراطورة ميركل لدورها في استقبال اللاجئين، ولم يحصل البابا فرنسوا على هذه الميزة تكريما لإسهاماته المتعددة سياسيا واجتماعيا. وكذلك لم يحالف الحظ جيمس بيكر ومحمد جواد ظريف أبرز مفاوضي اتفاق فيينا النووي مع إيران. لكن حكماء الجائزة تطلعوا نحو تونس الخضراء وقرروا تكريم تجربتها الغنية والفريدة ومجتمعها المدني الحيوي والمسؤول.
يعتبر اختيار "الرباعي التونسي" اختيارا موفقا وكثير المعاني. إن منح الجائزة الرفيعة للرباعي المؤلف من اتحاد نقابات العمال وأصجاب العمل، ورابطة حقوق الإنسان ونقابة المحامين، أبرز من دون شك الدور الريادي للمجتمع المدني التونسي في منع انحراف الربيع التونسي عن أهدافه ومساره. بالفعل كانت الثورة التونسية الناعمة في صيف عام 2013 من صنع الناس العاديين والمعارضة الليبرالية. لكن القيادة كانت عمليا للرباعي الذي كان طليعة المجتمع المدني في قيادة الحوار الوطني بين الأحزاب والمجموعات، مما فرض تصحيح مشروع الدستور وتحسنه، إلى جانب الاستغناء عن حكومة الترويكا واستبعاد حركة "النهضة الإسلامية" لصالح حكومة خبراء مستقلين أعادت التمسك بمفهوم الدولة الوطنية وأسس عصر التنوير والانفتاح والاعتراف بالآخر.
إن تحمل نخب المجتمع المدني لمسؤولياتها في لحظة فاصلة من التاريخ التونسي يعد أنموذجا للتجارب الأخرى حيث سقطت المراحل الانتقالية ضحية تجار الدين والانتهازية السياسية وقوى الثورة المضادة من دول خارجية أو أنظمة سابقة.
في التكريم إشادة بالاستثناء التونسي وبدور طليعة المجتمع المدني . منذ القرن التاسع عشر كانت تونس مميزة في سعيها لبلورة دولة القانون، لكن التجربة البورقيبية وطابعها المدني العلماني كان له الأثر الكبير على تطور المجتمع بفضل مكاسب تطوير التعليم ، انعتاق وتحرر المرأة بالإضافة للتبشير بقيم الانفتاح والتسامح. بيد أن هذا الانجاز لا يحجب استمرار غول الإرهاب أو مشاكل النخب السياسية كما يحصل في حزب نداء تونس. ومن اجل تحصين التجربة التونسية لا بد من التنبه لوضع الشباب و للتنمية المتوازنة وإنهاء الشرخ بين الساحل والداخل.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك