للمرة الأولى منذ بداية الأزمة السورية في العام 2011، تجلس الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية وجها لوجه حول طاولة محادثات في فيينا، تحت أنظار الراعيين الدوليين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وآخرين من دول الغرب والشرق الأوسط..
طبعا لا احد يتوقع أن تحدث الأعجوبة بحصول اتفاق مفاجئ بين عادل الجبير ومحمد جواد ظريف خلال هذا الاجتماع-الحدث الذي يمثل بكل المقاييس بداية واعدة وخطوة أولى على الطريق الصحيح. ولكن، لماذا تقرر اليوم دعوة إيران للمشاركة في مؤتمر دولي حول الأزمة السورية ولم يتقرر هذا الأمر بالأمس أو قبل أربعة أو خمسة أعوام ؟ يجيب البعض، وهذا البعض محق: تطلع بتركيز إلى براعة السياسة الروسية وميكيافلية فلاديمير بوتين !
منذ العام 2011 لم يكف "قيصر" روسيا الجديد عن المطالبة بإشراك طهران في الاجتماعات الدولية حول سوريا. ومنذ سنوات أربع لم تعره واشنطن والرياض آذنا صاغية. انعقد مؤتمر جنيف 1 في صيف العام 2012 ولم تدع إيران للمشاركة..بعد ذلك بسنتين انعقد مؤتمر جنيف 2 بغياب إيران أيضا التي دعاها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للمشاركة ثم سحب الدعوة.
بين مؤتمري جنيف الماضيين ومؤتمر فيينا الحالي، تبدلت المقاربات للأزمة السورية وسبل حلها..نظام الرئيس بشار الأسد وبراميله المتفجرة بات بنظر الدول الكبرى يحتل المرتبة الثانية إن لم يكن مرتبة متوازية مع خطر تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الذي يدمر البشر والحجر في سوريا والعراق والعالم .
دخل فلاديمير بوتين بموازاة الولايات المتحدة وغيرها في الحرب ضد الإرهاب. رمى بآلته العسكرية الهائلة في سوريا مما عدل بموازين القوى على الأرض وسمح لجيش النظام باستعادة زمام المبادرة..وقائع سياسية وعسكرية جديدة أملت على الغرب وعلى المملكة العربية السعودية خاصة التسليم بالواقع والقبول بالتحاور المباشر مع إيران الحليف الأخر للنظام السوري..
قلنا في البداية إن مشاركة إيران تشكل خطوة أولى على الطريق الصحيح، ولكن مع دخول الدب الروسي وحائك السجاد الإيراني، يخشى أن تكون هذه الدرب طويلة وملئ بالمطبات.