محادثات "فيينا" أثارت الكثير من الأسئلة، وخصوصا في يتعلق باستمرارها وتمسك المشاركين بمواصلتها بالرغم من ثباتهم على مواقفهم المتعارضة بشأن الأزمة السورية.
سبع عشرة دولة اجتمعت في فيينا للبحث عن حل سياسي للازمة السورية، والملاحظة التي رددها الجميع تتعلق بغياب أي طرف سوري، من النظام أو من المعارضة، عن هذه المحادثات، مما يطرح السؤال عما إذا كان الهدف هو وضع أسس حل سياسي في سوريا أم تحديد مواقع الأطراف الإقليمية والدولية في إطار هذا الملف ؟
الحديث يتعلق، بالأحرى، بإعادة التوازن الدولي إلى الساحة السورية، ذلك إن الولايات المتحدة وحلفائها المناهضين لنظام بشار الأسد طبقوا إستراتيجية لم تؤد إلى أي تقدم نحو الحل، وانتهت إلى ترك أطراف الصراع يتقاتلون وتوجيه ضربات جوية غير مؤثرة ضد تنظيم "داعش".
لكن دخول روسيا القوي على المستوى الميداني، وبصرف النظر عن النتائج التي حققتها حتى اليوم، أدى لقلب توازنات القوى السورية والإقليمية والدولية داخل هذه الساحة، وأصبحت إدارة العلاقات الدولية، بشأن هذا الملف، عملية دقيقة وحرجة إلى ابعد الحدود.
واشنطن العازفة، حاليا، عن الدخول في صراعات أو مواجهات مع قوى دولية وإقليمية كبرى، رأت، على ما يبدو، في محادثات فيينا أداة للضغط الدبلوماسي لجذب كل من روسيا وإيران إلى مواقف اقرب لمواقفها، وليس سرا، أن الأمريكيين أعربوا، قبل المحادثات عن أملهم في أن تغير الجمهورية الإسلامية من مواقفها تجاه النظام السوري.
المواقف لم تتغير، وكافة التصريحات تؤكد أن العقدة تكمن في اتفاق المشاركين على دور بشار الأسد في المرحلة الانتقالية، إلا أنهم اتفقوا فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، وفي كلتا الحالتين تسجل موسكو النقاط، مؤكدة أن المحادثات لم تتطرق إلى مصير الأسد، والى انه لا يمكن الحديث عن مسار حل سياسي قبل القضاء على الإرهاب.
إلا أن الأمر لا يمكن أن يقتصر على تسجيل نقاط سياسية ودبلوماسية في هذه الأزمة، حيث تدرك كافة الأطراف وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا ومن ثم إيران والسعودية، أن سوريا بتركيبتها السياسية والطائفية، بعد أربع سنوات من الحرب، يصعب أن تكون منطقة نفوذ لأحدهم في مرحلة ما بعد الأزمة، والمثال الكارثي الذي يبدو في العراق، يجعل من فكرة التقسيم أمرا مرفوضا من هذه الأطراف.
وربما تفسر هذه الحقائق استمرار المشاركين في فيينا في حوارهم دون أن يقدم أي منهم تنازلا جذريا، ذلك إن تخيل نظام سياسي جديد مستقر في سوريا يعني تحقيق توازن داخلي دقيق، والتوصل إلى هذا الحل يستدعي، بالتالي، توازنا واتفاقا دوليا وإقليميا يتمتع بالكثير من العمق والجدية.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك