فيينا والتاريخ الدبلوماسي الطويل
نشرت في:
فيينا عاصمة النمسا أرض الموسيقى بلاد هايدن وشوبرت وموزارت، فيينا ليالي الأنس هي أيضا، فيينا التي تركت وتترك بصماتها على تاريخ أوروبا والعالم، فيينا التي استعصت على السلطان العثماني سليمان القانوني واوقفت الزحف نحو باقي القارة القديمة، هي أيضا فيينا المتمتعة بحياد عسكري بعد زلات الحرب العالمية الثانية.
فيينا لها صلة حميمة بالشرق وقضاياه كما في صناعة الدبلوماسية وقواعدها فيينا هي مؤتمر 1815 مع مترنيخ ومبدأ توازن القوى في أوروبا بعد هزيمة نابليون فيينا برز فيها أيضا المستشار برونو كرايسكي الذي فتح أبواب أوروبا أمام الراحل ياسر عرفات، فيينا الحيادية مقر منظمة منتجي البترول الأوبك والوكالة الدولية للطاقة النووية، هي المدينة التي خرج منها الدخان الأبيض في تموز يوليو الماضي حين توقيع الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة (الخمسة + واحد).
يطيب فيها المناخ والموقع الجفرافي الوسطي لكيري ولافروف واندادهم، وها هم يعودون إليها ليدشنوا عملية سياسية معقدة وطويلة حيال المسألة السورية.. وربما يراهن البعض على توسم الخير أو الفأل الطيب في المكان، بعد مواعيد لم تثمر في جنيف.
بين بدايات الدبلوماسية الأوروبية والدولية في 1815 ومؤتمرات 2015 تفصلنا مسافة قرنين من الزمن وتبقى اللعبة السياسية هي هي كناية عن مصالح عليا وموازين قوى قبل حوالي قرن من الزمن دار تاريخ المشرق والعرب بين القاهرة وسان ريمو ولوزان وفرساي حتى استقرت أمور ما بعد العصر العثماني ورسمت الخرائط وولدت الكيانات.
هذه المرة يبدو المخاض عسيرا لولادة شرق أوسط جديد، وفي فيينا كانت البداية مع المسار السوري.
لا يمكن التسرع في الحكم على نتيجة هذا الكرنفال الدبلوماسي، إنها بداية غير موفقة بالنسبة للبعض وهي بداية واعدة للبعض الآخر الذي لفت نظره تجمع غالبية الأطراق الإقليمية والدولية المعنية بالنزاع، بعدما خاض الكثيرون بينهم حروبا بالوكالة على أرض الشام لقد حرك التدخل الروسي المياه الجامدة وأتى بالكل إلى فيينا كي يتم وضع قطار الحل السياسي على السكة ولو طال المشوار خاصة أن استمرار النزف وتدفق شلال الدم يضع صدقية مسار فيينا على المحك.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك