تختلف التوقعات بشأن ما يمكن أن تحققه مفاوضات الأطراف السورية في جنيف، خصوصا وقد سبقتها لعبة شد وجذب كبيرة، إلا أن ما يبدو هو أن كافة الأطراف مضطرة بصورة أو بأخرى للتوجه نحو اتفاق سياسي سواء في جنيف هذه أو في جنيف أخرى.
المعارضة السورية المنبثقة عن مؤتمر الرياض وصلت إلى جنيف للمشاركة في مفاوضات السلام مع النظام، بعد سجال طويل شهد الكثير من الصراعات والضغوط الإقليمية والدولية.
القضية هامة، إن لم نقل حيوية، فمن المفترض أن من سيشارك في جنيف، أو ما سيلي جنيف في حال فشلها، هو الذي سيفاوض، وسيحدد، مع النظام السوري، ومع الأطراف الإقليمية والدولية، بنية واليات اللعبة السياسية في هذا البلد خلال السنوات المقبلة. كما سيحدد، بالتالي، بالنسبة لأطراف إقليمية ودولية مثل روسيا، الولايات المتحدة، السعودية، تركيا وإيران وزنها ومدى نفوذها في المنطقة.
لذلك، تبدو صعوبة وتعقيد كافة خطوات هذه المفاوضات أمرا طبيعيا. ولكن اتفاقا سياسيا أصبح، اليوم ضرورة حيوية، أولا بالنسبة للسوريين عموما، وثانيا بالنسبة للمعارضة التي تخسر، يوميا، مواقع جديدة على الأرض بسبب التدخل الروسي، وثالثا بالنسبة للمجتمع الدولي الذي بدا يعاني، بسبب هذا الصراع، من أزمات حقيقية وخطيرة تتمثل في قضية اللاجئين وانتقال الصراع إلى أراضيه في شكل الاعتداءات الإرهابية.
الجميع يضغط من اجل اتفاق سياسي سريع، وبعض أطراف المعارضة التي تعطل الأمر، لا ترفضه من حيث المبدأ، ولكنها تساوم من اجل موقع اكبر في المفاوضات، وبالتالي من اجل حجم اكبر في كعكة السلطة المنتظرة.
ميدانيا، المعارضة تخسر كل يوم على الأرض، مما يحرمها من أوراق هامة لطاولة المفاوضات المنتظرة، والتي ستشهد، على ما يبدو، مستوى أكثر تشددا من النظام، لأنه مقتنع بأنه يتقدم ويحقق انتصارات. إلا أن تأخير التوصل إلى اتفاق سياسي، وإن كان سيتيح للنظام احتلال موقع أقوى للتفاوض المباشر، فإنه يعني، أيضا استمرار القتال والمذابح، ويقلص بالتالي فرص القوى الداعمة للنظام السوري في أن تكون طرفا فاعلا في الحياة السياسية على المدى الطويل، ذلك إنه سواء في سوريا، أو في المنطقة عموما، يدرك الجميع استحالة العودة إلى الأوضاع السائدة قبل خمس سنوات، وإقامة واقع سياسي جديد أصبحت أمرا حتميا، وإن استغرق ذلك بعض الوقت، ولا احد يعرف قواعد اللعبة السياسية الجديدة المنتظرة، ولكن الكل يدرك ضرورة الاحتفاظ برصيد سياسي ما ليتمكن من المشاركة فيها.
على مستوى آخر، يريد الغرب اتفاقا سريعا للتخلص من أزمات أفرزها الصراع السوري وصراعات المنطقة عموما، وتختلف أطراف المعارضة على أهداف العملية التفاوضية بين من يريد وضع حد لمعاناة الحرب والبعض الآخر يتمسك بهدف إسقاط النظام.
المشكلة الرئيسية أن الكل يستخدم الأدوات والمنطق السياسي الذي كان سائدا قبل خمس سنوات، وهي أدوات ومنطق تجاوزهم الزمن.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك