بالتزامه بالحضور الى المجلس النيابي قبل انتهاء المهلة المحددة لتقديم حكومة جديدة من التكنوقراط ، استطاع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تفادي السقوط في امتحان المواجهة المباشرة مع زعماء الكتل السياسية المعارضة ومع القيادي مقتدى الصدر الذي تمكن من تحريك الشارع ، منذ الصيف الماضي، ضد الحكومة تحت شعارات محاربة الفساد والهدر المالي والمحسوبيات في توزيع المناصب والغنائم .
لقد حضر العبادي الى المجلس النيابي حاملا معه مشروع تغيير حكومي على مرحلتين: الاولى فورية تقضي باجراء تغييرات في عدد من الوزارات غير السيادية على ان يتم حسم اختيار الوزراء الباقين في الوزارات الحساسة مثل الدفاع والخارجية والمالية في المرحلة الثانية.
اقترح العبادي خفض عدد الحقائب الوزارية الى ست عشرة حقيبة واجلّ اجراء التغييرات في الهيئات الحكومية المستقلة مدة 30 يوما علّ هذه المهلة تتيح التوصل الى تسوية سياسية مع اكبر معارضيه أي التيار الصدري ، تؤدي الى امتصاص حركة الاحتقان الشعبي من دون تلبية كل المطالب .
لقد نجح العبادي في اجتياز المرحلة الاولى من اختبار اسقاط حكومته ونقل المعركة الى صف المعارضين بعدما استطاع استغلال اعتراض الاكراد على المس بممثلهم في الحكومة ،وزير المالية هوشير الزيباري ، ليشق صفوف المعارضة ضده .
قد لا يفي هذا التبديل في المناصب في اخراج البلاد من ازمتها. فالأزمة في السياسة العراقية منذ حرب اسقاط صدام حسين، تكمن في عدم قدرة القوى الرئيسة فيها على الوصول إلى توافق ينهي الصراع في ما بينها ويمنح الحكومة فرصة تحقيق متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإشاعة الاستقرار الأمني والسياسي.
هنالك أكثر من قضية داخلية في الأزمة السياسية العراقية: الشراكة الحكومية، النفط والغاز، اتفاقية أربيل، الفساد المالي والإداري، وتوزيع المساعدات الاميركية التي تصل الى نصف مليار دولار للعام 2006 ،مخصصة لكردستان العراق لهذه السنة .اضافة الى العلاقة بين العراق وتركيا واقليم كردستان، الى النكسة التي تعرضت لها سلطة الدولة وهيبتها مع اجتياح تنظيم الدولة الاسلامية مناطق شاسعة من البلاد ،وتنامي التطرف اضافة الى صراع المحاور الاقليمية الممثلة بايران والسعودية وتركيا .
لقد تحكم عاملان داخليان في سياسات الحكومات المتعاقبة منذ العام 2003 وهما الصفقات، وعدم الانصاف في احترام ادوار مكونات الشعب العراقي وخصوصا السنة ،وتشعبت الخلافات فلم تعد بين تكتل واخر بل اصبحت داخل الصف الواحد كما هو حاصل في التحالف الشيعي.
حضر العبادي الى المجلس النيابي ولكنه حصل على مهلة اضافية لحسم خياراته الصعبة اما بتلبية مطالب مقتدى الصدر لارضائه مرحليا او باجراء اصلاحات عميقة تعيد لمؤسسات الدولة العراقية مكانتها
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك