عندما اتخذ الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قراره السياسي بتمرير قانون العمل المعروف إعلاميا بقانون مريم الخمري دون إعطاء نواب الأمة فرصة مناقشته والتصويت عليه ... كان يعي تماما انه يدخل ولايته في مرحلة هزات ومفاجآت سياسية قد تفتح المجال أمام جميع الاحتمالات وتذهب نظريا إلى حد إسقاط الحكومة وتنظيم انتخابات مبكرة...
إعلان
فاليسار منقسم حول هذا القانون بين مؤيد له يرى فيه الوصفة السحرية لإصلاح الاقتصاد الفرنسي ويسار معارض ساخط وغاضب يرى فيه تراجعا عن المكتسبات الاجتماعية للنموذج الفرنسي... هذا اليسارمتهم أيضا بتنشيط حركة اجتماعية احتجاجية أطلقت على نفسها الواقفون ليلا...
اللجوء من طرف هولاند و فالس إلى السلاح المؤسساتي الدستوري ٤٩-٣ الذي يعفي الحكومة من المناقشة البرلمانية أثار حفيظة اليسار الغاضب وامتعاض اليمين ...اليسار كان يراهن على هذه المناسبة لكشف عيوب هذا القانون نواقصه واليمين كان يستعد لاستغلالها لإضعاف أداء الحكومة في السنة الأخيرة قبل انعقاد الانتخابات الرئاسية ...من تم هول التهديدات التي تلقي بظلالها حاليا حكومة فالس إذ يستعد كل فريق برلماني لبلورة مذكرة حجب الثقة و الاستعداد لعرضها على التصويت ...
وإذا كان اليمين المعارض الذي يتزعمه نيكولا ساركوزي ينخرط بشكل طبيعي في عملية سحب الثقة لحكومة مانويل فالس كتقليد وأسلوب للتعبير عن معارضته فان اليسار يجد نفسه في كمين سياسي يصعب الخروج منه دون إحداث قطيعة في مقاربته ... فالتساؤل الذي يطرح بحدة على أيقونات هذه اليسار الغاضب من سياسية هولاند ...هل ستؤدي معارضتكم لهذه السياسية إلى درجة التصويت مع اليمين على مذكرة حجب الثقة و إسقاط حكومة مانويل فالس ...؟ لا لان التصويت مع اليمين يفتقد لأي منطق سياسي بحكم أن هذا اليمين يطالب بتطبيق سياسة أكثر تهديدا على المكتسبات الاجتماعية الفرنسية... للخروج من هذا المأزق يقترح بعض زعماء هذا اليسار صياغة مذكرة خاصة بهم تختلف تماما عن أرضية و دوافع مذكرة اليمين... لكن الإشكالية تطرح حاليا حول عدد هؤلاء النواب و قدرتهم على تشكيل فريق برلماني يحق له وضع مذكرة سحب الثقة و إنجاحها. لكل هذه الأسباب إذا لم تتم عملية تصويت موحد بين اليمين المعارض و اليسار الغاضب وهي عملية صعبة المنال في الظروف الحالية فأن حكومة مانويل فالس ستبقى في منأى عن إي محاولة لإسقاطها...
تبقى حقيقة سياسية مريرة بالنسبة لفرانسوا هولاند هي أن يرغم على اللجوء إلى قوة القانون الاستثنائي لتمرير مشاريعه الإصلاحية يعكس عدم قدرته في إقناع الفرقاء الاجتماعيين و السياسيين بتقديم دعم سياسي لأجندته...ويجمع المراقبون على اعتبار أن هذه الخطوة ستنعكس سلبا على جهوده في محاولة إقناع الفرنسيين بأنه يستحق ولاية ثانية ...فبعد التخلي عن تعديل الدستور هاهو يجد نفسه مرغما لوأد التصويت البرلماني لتمرير قانون العمل...ما يرسخ بحسب المراقبين للأجواء السياسية الفرنسية نكهة التراجع والهزيمة.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك