رهان هولاند في ميزان الحسابات السياسية

 

بات من الواضح أن الرئيس هولا ند يحضّر الأجواء لإعلان ترشحه لولاية رئاسية ثانية. فهو يوجه في كل إطلالة من إطلالاته العلنية ، الرسالة نفسها، ومفادها أن الأمور تتحسن وتسير نحو الأفضل.

 ca va mieux  

يكرر هولا ند في كل مناسبة يظهر فيها علنا الوعود بمتابعة السير على طريق الإصلاحات التي تلاقي اعتراضات سياسية وشعبية ونقابية ، جعلت منه رئيس الجمهورية الذي يحظى بأدنى نسبة تأييد شعبي في تاريخ الجمهورية الخامسة .

 

لقد ظهر فرنسوا هولا ند في أخر مقابلة له صباح يوم الثلاثاء مصمما، عاقد العزم، على تأكيد سلطته وعدم القبول بأي مساومة في السنة الأخيرة من عهده . تحدث فرنسوا هولا ند بلغة الجزم . سيواصل الإصلاحات وسيخفض عدد العاطلين عن العمل ، سيخفض الضرائب وما إلى هنالك من إجراءات تلاقي ، من الناحية المبدئية ، صدى ايجابيا عند الرأي العام ، ولكنها تبقى عمليا مجرد وعود تحقيقها مرتبط بشكل عام،بالوضعين السياسي  والاقتصادي  وبعوامل محلية ودولية عدة .

 

رسالة فرنسوا هولا ند واضحة إلى المعترضين، والذين من وراء اعتراضاتهم على سياستهم يعترضون بالتالي على ترشحه لولاية ثانية.لا مساومات ولا تسويات  قال هولا ند في لهجة التخلي عن الجزرة في التعامل مع خصومه . رفض كل حجج المعترضين على تبني قانون العمل الجديد من دون عرضه على التصويت في البرلمان ، وأكد انه  لن يتراجع  وعدد الإجراءات القضائية المتخذة بحق المعترضين المشاغبين ملمحا إلى اعتماد الحزم .

 

يعتبر هولا ند أن إستراتجيته هذه موجهة إلى كل من يعترض طريقه نحو ولاية ثانية. المعترضون من داخل عائلته السياسية . هؤلاء المعترضون الذين يتهمون هولا ند بعدم التزام سياسة يسارية لا يشكلون إلا أقلية داخل الحزب الاشتراكي وباقي الأحزاب اليسارية وبالتالي لا يؤثرون على مسيرة الرئيس نحو ولاية ثانية وقد انحصر عددهم بأقل من أربعين خلال وضع مذكرة حجب الثقة عن الحكومة الأسبوع الماضي.

 

المعترضون على سياسة الرئيس من أحزاب اليمين غير قادرين بعد على تشكيل قوة دافعة نحو إيصال مرشح إلى قصر الاليزيه في أيار مايو من السنة المقبلة، وهو يراهن على الصراع الداخلي بين قيادات حزب الجمهوريين المعارض ويأمل في أن يتبنى الحزب ترشيح نيكولا ساركوزي الذي ترجم الفرنسيون رفضهم حصيلة عهده السابق بإقدامهم على انتخاب فرنسوا هولا ند .

 

يراهن فرنسوا هولا ند على انجازات ستأتي بثمارها خلال الأشهر القليلة الباقية قبل انطلاق الحملة الانتخابية، يراهن على تحسن الوضع الاقتصادي وعلى خفض البطالة وعلى  تحصين العقد الاجتماعي ويراهن على انجازات في السياسة الخارجية قد لا تهم الناخبين كثيرا ولكنها تعطي الرئيس حجما سياسيا دوليا .

 

تعثرت جهود هولاند في عقد المؤتمر الدولي في نهاية هذا الشهر ، واعتذر عن الهفوة الفرنسية في التصويت على قرار داخل اليونسكو حول القدس ، وسلم بحصر الحل للحرب في سوريا بتفاهم روسي أميركي . ينتظر هولاند أداء الاقتصاد في فترة الصيف ليقرر خفض الضرائب. اقر هولاند بان "المعركة ليست محسومة"، وبأنه يكافح من اجل  كسبها". يراهن الرئيس على المستقبل ولكن الحكم لا يقوم على مراهنات بل على رؤية لمشروع.