بات من الواضح أن تحولا جذريا في طبيعة نظام الجمهورية التركية يلوح في أفق التطورات التي فرضتها استقالة رئيس حزب العدالة والتنمية ، رئيس الحكومة احمد داود أوغلو .
إعلان
لقد بدا هذا التغيير عمليا بغياب أحمد داود أوغلو عن الدائرة السياسية المحيطة بالرئيس رجب طيب أردوغان واستبداله على الأرجح بوزير النقل بن علي يلديريم أول بوادر المرشح الوحيد لرئاسة الحزب وبالتالي لتولي رئاسة الحكومة.
فعلى غرار كل حاكم فردي حتى لا نقول ديكتاتوري، عمد أردوغان إلى إسقاط الحواجز تباعا من أمام مشروعه الريادي الذي بلور خطوطه الأساسية خلال وجوده في السجن في تسعينات القرن الماضي، حين قال لمناصريه على أبواب سجنه :"سأقضي وقتي في دراسة المشاريع التي توصل بلدي إلى أعوام الألفية الثالثة، سأعمل بداخل السجن وأنتم نفذوا خارج السجن كل ما تستطيعونه".
كان مشروع أردوغان يقوم بكل بساطة على إحياء "العظمة العثمانية" بحسب ما يقول بعض من رافقه في بداية الطريق ، في تشبيه ربما لمسيرة أدولف هتلر الذي وضع في السجن مشروع الرايخ الثالث في كتاب كفاحي .
العائق الأول في طريق أردوغان هو رفاق الأمس الذين لا يجارونه في تدمير أسس جمهورية أتاتورك التي كانت رائدة في الحداثة لبناء جمهورية علمانية في مجتمع إسلامي ، مؤمن بدينه ومتمسك بممارسة شعائره وتقاليده .
رفاق الأمس هؤلاء أقصوا تباعا . قبل أوغلو خفت نجم عبد الله غول الذي تولى رئاسة الحكومة الأولى لحزب العدالة والتنمية في العام 2002 ، بديلا لاردوغان الذي حال سجله العدلي حينها دون تسلمه هذا المنصب .
العائق الثاني أمام استعادة العظمة العثمانية هي الدستور التركي الذي يضع مقاليد الحكم في يد السلطة التنفيذية. تغيير هذا الدستور وتحويل الحكم إلى رئاسي سيصبح ممكنا، بعد التغيير الحكومي الذي ستليه انتخابات عامة مبكرة تمهد الطريق نحو تغيير النظام من برلماني إلى رئاسي.
لقد دخلت تركيا في مرحلة لا يمكن التنبؤ بها، وإذا أراد رئيس الجمهورية أن يفرض إرادته فهذا يعني أن تركيا في طريقها إلى خسارة كافة الإنجازات التي حققتها في مسيرتها الديمقراطية،
قد ينجح الرئيس التركي في رهانه ولكن المخاطر كثيرة فعدم الاستقرار السياسي انعكس سلبا على الأسواق المالية القلقة من رؤية أردوغان يعزز نفوذه على إدارة الاقتصاد، القطاع الذي سعى للتدخل فيه بشكل متزايد حيث طلب على سبيل المثال من البنك المركزي خفض معدلات الفوائد،فخسرت الليرة التركية 5% من قيمتها إزاء الدولار خلال الأشهر الماضية.
يريد رجب طيب أردوغان أن يحيي أمجاد تركيا العثمانية في رد اعتبار لسقوط الإمبراطورية في ذكراها المئوية ونشؤ كيانات وأنظمة جديدة على أنقاضها لم يجد احد من قادة العالم بعد بديلا لمهندسيها مارك سايس – وفرنسوا جورج بيكو
فهل تكون هذه المعاهدة هي الخصم الأول لاردوغان وليس رفاقه .
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك