احتدمت معركة حلب وجوارها واعتقد الحلف الداعم للنظام انه اقترب من الحسم عبر أحكام الحصار على شرق حلب، لكن هجوم المعارضة المسلحة في جنوب المدينة أربك الحسابات الروسية والأمريكية في فرض تصور للحل على أساس ميزان قوى مختل تماماً لصالح النظام.
بالرغم من متاعب انقرة الداخلية والاستدارة التركية وقمة سانت بطرسبورغ بين بوتين وأردوغان، وبالرغم من السعي المحموم للضغط على المملكة العربية السعودية من خلال حرب اليمن، لم تسلم أنقرة والرياض بقبول الخسارة في الشمال السوري وتسليمه للمحور الروسي - الإيراني، ووجدت واشنطن نفسها في موقع حرج لأن تفاهماتها مع موسكو أخذت تبدد تحالفاتها الإقليمية وتهدد بتغيير المعادلة الاستراتيجية.
إزاء منعطف معركة حلب وجوارها وإصرار واشنطن على إبقاء معادلة لا تسمح بنصر حاسم للمحور الروسي مما يضيق هامش مناورتها، يتعامل القيصر بوتين مع هذه المعركة على أساس دورها التقريري.
لأول مرة في تاريخ المشرق تدخل الصين الميدان العسكري من خلال تدريب قوات النظام السوري وهذا تطور رمزي له دلالته ليس فقط بالنسبة لتعزيز التحالف الروسي - الصيني حيال سوريا، لكن أيضا لجهة هذا التهافت الدولي. وفي نفس السياق واصلت موسكو استعراض عضلاتها الذي بدأ بقوة منذ صيف ٢٠١٥ ، وتكلل منذ ١٦ أغسطس الجاري باستخدام قاعدة همدان الإيرانية في عمليات قصف داخل سوريا. تبرر الأوساط الروسية ذلك بالرغبة في تقصير المسافة والاقتصاد في مصروف الوقود، أو لحماية هذه القاذفات من عيون التجسس الذي هو أسهل في تركيا والعراق . لكن الأهم هو تكريس هذا التحالف الاستراتيجي الروسي - الايراني وتنازل ايران السيادي لان اولوية القيادة الايرانية كسب المعركة الحيوية في سوريا وجر الجانب الروسي لهذه الاولوية المرتبطة بديمومة منظومة الأسد . وهذا يعني ان الكلام عن حلف روسي - إيراني - تركي ليس في محله، ويدلل كذلك على سقوط الرهان الاوبامي على ترتيب شراكة مع إيران. على الصعيد الإقليمي تزداد التحديات بالنسبة للرياض التي تواجه معطيات استراتيجية لغير صالحها مع استمرار العزوف الأمريكي و الوضع الجديد في تركيا والتمدد الروسي في إيران والتصعيد في اليمن.
لكن هذه البانوراما لا تؤشر لاقتراب موعد الحسم كما ترغب العسكريتاريا الروسية والإيرانية لأن المحور الآخر يمتلك أيضا أوراقه. سنرى إلى أين سيصل استعراض القوة الروسي بعد اجتماع كيري ولافروف المرتقب في جنيف في ٢٦ أغسطس . لكن مما لا شك فيه ستكون الشهور القادمة في النزاع السوري حبلى بالمفاجآت.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك