سنة مضت على انطلاق الحراك المدني في لبنان بعد أن ضاق المواطنون ذرعا بأكوام النفايات المكدسة في شوارع المدن وطرق القرى ساحلا وجبلا وتقاعس الحكومة عن رفعها واتخاذ تدابير عملية لمعالجتها.
إعلان
يومها تجاوب المواطنون مع حملة " طلعت ريحتكم" نزلوا إلى الشوارع والساحات بكثافة في أول تحرك مدني اعتراضي عابر للطوائف. اليوم يتساءل اللبنانيون عن أسباب تراجع الحراك واقتصار تجلياته على بضع عشرات من الشبان الذين تنادوا لأحياء الذكرى السنوية الأولى فكاد تجمعهم المتواضع ألا يثير انتباه أحد لولا تبرع شاشات التلفزة بتغطيته لملء الهواء.
من الصعب تناول جميع الأسباب التي أدت إلى تراجع الحراك المدني في لبنان رغم أن روائح الفساد المتصاعدة من مطبخ الطبقة السياسية الحاكمة ازدادت نفاذا، فيما المواطن مخير بين الموت قهرا أو الهجرةّ. باختصار ومن دون ادعائي المعرفة الكاملة بالأسباب وقدرتي على اجتراح الحلول بالإمكان تحديد العوامل الرئيسية بثلاثة:
أولا، قوة النظام السياسي الطوائفي الحاكم وقدرته على امتصاص حركة الاعتراض الشعبي وتطويعها ليس بأسلوب القمع المباشر بل بابتداع الروايات والأقاويل التي تدفع باتجاه اصطدام الحراك بالزعامات الطائفية التي سرعان ما تطوي صفحة صراعاتها المصلحية وتتوحد لوأد تحرك مدني يهدد مصالحها بالكامل.
ثانيا، غياب القناعة لدى المواطنين بإمكانية التغيير من خلال التحرك الشعبي وتخوفهم من أن يفتح هذا الحراك باب الحروب الأهلية والطائفية التي سبق وان اكتووا بنيرانها فيما يعاينون يوميا النتائج الكارثية لسيناريوهات العنف والدماء في المنطقة.
ثالثا وأخيرا، عجز المبادرين في الحراك عن توحيد مطالبهم وشعارتهم مما أشاع البلبلة وأفقدهم المصداقية فالفارق كبير بين مطلب رفع النفايات ومكافحة الفساد وبين شعار الثورة وإسقاط النظام.
باختصار لا يمكن فهم ما نقوله على أنه دعوة لليأس من إمكانية التغيير.
خلال سنة من الاعتراض الشعبي برزت علامات مضيئة أفرزتها ظروف ونتائج انتخابات المجالس البلدية. نجاح حملة "بيروت مدينتي " أنعشت الآمال بالتغيير فيما لو تم نقد التجربة ودراستها واستنباط أساليب جديدة للتحرك من شانها إفهام اللبنانيين أن المطلوب ليس فقط التعاطف مع المطالب بل النزول إلى الشارع والضغط الشعبي لتحقيقها.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك