انتهت المناظرة الثالثة والأخيرة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية بين كلينتون وترامب بانتصار المرشحة الديمقراطية، كما حدث في المناظرتين السابقتين، إلا أن مقولات المرشح الجمهوري في هذه المناظرة هي التي تطرح الكثير من الأسئلة الهامة.
إعلان
هدد المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية دونالد ترامب بانه قد لا يعترف بشرعية نتائج الانتخابات ويعتبرها مزورة، وهذا التهديد يعتبر السابقة الأولى في تاريخ السياسة الأمريكية. البعض اعتبر أن ترامب يريد افتعال ضجة وإثارة الجدل، كما تعود، إلا أنها ليست المرة الأولى التي يهدد فيها المرشح الجمهوري برفض قواعد اللعبة التي تدير الحياة السياسية الأمريكية منذ أكثر من قرن ونصف القرن من الزمان، عندما هدد بإنشاء حزب لخوض الانتخابات في حال حصوله على الأغلبية في الانتخابات التمهيدية وامتناع الحزب الجمهوري عن ترشيحه. كما ينبغي القول إن ترامب لم يكن الأول في تهديداته أو اعتراضاته على قواعد اللعبة السياسية والانتخابية الأمريكية، وإنما يمكن وصفه بالابن الشرعي لحزب الشاي، الذي كان اللاعب الجديد والمستقل عن الطرفين التقليدين الديمقراطي والجمهوري، في الانتخابات التي حملت باراك أوباما إلى البيت الأبيض. وبالتالي لا يمكن القول بان ترامب مجرد فرد يردد أفكارا تخرج عن المألوف، وإنما يبدو انه يمثل توجها برز في الولايات المتحدة بصورة قوية، في ختام ولاية بوش الابن.
في حال ما رفض ترامب نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فان الأمر يمكن أن يترجم، سياسيا، وبصورة سريعة، بانقسام كبير داخل الحزب الجمهوري وولادة حزب جديد على يمين الجمهوريين، كما يمكن أن يشكل على مدى أطول، دافعا للسيناتور برني ساندرز منافس هيلاري كلينتون القوي في الانتخابات التمهيدية لإنشاء حزب جديد على يسار الديمقراطيين، وكل ذلك سيشكل تغييرا جذريا في الحياة السياسية الأمريكية.
والتغييرات في الحياة السياسية الأمريكية لا تتوقف أثارها عند حدود الولايات المتحدة، خصوصا وان الأنظمة الديمقراطية الغربية ليست بعيدة كثيرا في تركيبتها، من حيث المضمون، مع العمال والمحافظين في بريطانيا، وتحالف اليسار ضد تحالف اليمين في فرنسا، وإذا كان ما يحدث في الولايات المتحدة قد يؤدي الي استبدال نظام سياسي ثنائي الأقطاب بنظام متعدد الأقطاب، فان مؤشرات عديدة في فرنسا مع بروز أطراف مستقلة من اليمين المتطرف المتمثل في حزب الجبهة الوطنية وقوى مستقلة على يسار الاشتراكيين، تشير الى توجه مشابه.
قد نكون، بالتالي، أمام تغيير جذري في الحياة السياسية الأمريكية، أساسا، وأيضا في أوروبا، بدرجة أخرى، بينما تبرز قوى دولية مثل الصين وروسيا أو إقليمية مثل إيران وتركيا تقوم، عكس ذلك، على أنظمة أحادية القطب، وكل ذلك وسط انقلابات كبيرة في خريطة التحالفات الدولية
ومن هنا تبرز أهمية تهديدات ترامب التي قد تعبر عن توجه أساسي، وليست مجرد استفزازات ملياردير مصاب بجنون العظمة.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك