في عهد الجمهورية الخامسة لم تعرف فرنسا حملة انتخابية شبيهة بالتي تعيشها البلاد منذ بروز فضيحة ما يعرف ب "بينيلوب غيت" أي الفضيحة المالية التي طاولت مرشح اليمين فرنسوا فيون.
في الذهن الجماعي الفرنسي لا تشكل الحياة الخاصة بما فيها الحياة العائلية أو العلاقات الجنسية أي عائق أمام رجال السياسة ولا تخضع لأي محاسبة. ولكن الراي العام الفرنسي تعامل مع فضيحة فيون تماما على طريقة ما هي عليه الحال في مجتمعات غربية محافظة وتحديدا الولايات المتحدة الأميركية.
كان فرنسوا فيون المرشح الأوفر حظا لخلافة فرنسوا هولاند. لم يكن باستطاعة منافسيه أن يتفوقوا عليه، لا بتحالفات تبين أنها مستحيلة، ولا ببرامج انتخابية كانت ولا تزال أما غائبة أو غير مقنعة، ولا بكاريزما يفتقدون اليها بالفطرة ولا يمكن اكتسابها بالتعلم.
انخرط الإعلام في المعركة بطريقة تجاري إما عمدا أو عن غير قصد، مكائد خصوم فيون وأصبحت الحملة الانتخابية تعيش على وقع التفاصيل اليومية لفضيحة "بينيلوب غيت" التي تملا وسائل الإعلام.
تغير المزاج الشعبي وتدحرجت شعبية فيون ليخرج من السبق الرئاسي منذ الدور الأول بحسب كل استطلاعات الراي.
إنها ماسة سياسية. كان الفرنسيون ينتظرون التغيير. سئموا الترهل العام الذي وصلت اليه البلاد في عهد فرنسوا هولاند. كان فيون حتى اندلاع الفضيحة الشهر الماضي البديل الحتمي كان يجسد إرادة التغيير. ولكن ماذا بقي من هذا الحلم؟
75 بالمئة من مؤيدي اليمين الفرنسي لا يرغبون باستمرار فيون بترشحه. انه المرشح الخاسر الذي جاهر بعض من رفاقه بالتخلي عنه والآخرون يتمنون ولكنهم ينتظرون.
ينتظر أولئك الذين لم يطالبوا بفيون بالخروج من الحلبة بعد أن يجرع الكاس المرة. لقد حصل على شرعية تمثيل الحزب عبر صناديق الاقتراع ويمتلك وحده قرار نقل المشعل. والبدائل معروفة سلفا. انه الن جوبيه الذي يمثل الأمل المتبقي بالفوز . ولكن هذه الخطوة لن تتم من دون الاتفاق مع نيكولا ساركوزي الذي لا يزال يحظى بنفوذ وازن داخل الحزب. والخطوة لا تتم إلا بالتفاهم مع جيل الشباب الطامح للخلافة، في طليعة هؤلاء وزيران سابقان عند ساركوزي وهما فرنسوا بروان وغزافييه برتران
لقد ادخل فيون نفسه في هذا المأزق وادخل معه فريقه السياسي.
فإما أن يتحمل منفردا مسؤولية تضييع فرصة الفوز على حزبه أو ينحر مستقبله السياسي بنفسه. خصماه الرئيسيان إيمانويل ماكرون ومارين لوبن يتمنيان أن يستمر في ترشحه لأنه الخصم الأضعف.
كان فيون ضحية جريمة سياسية ولكنه قد يصبح المسؤول عن انتحار سياسي.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك