تشير الأنباء إلى انفراجة في الأزمة بين بغداد وأربيل على أساس المقترح الفرنسي بإنشاء اتحاد كونفدرالي، هذا فيما يتعلق بكردستان، أما في كاتالونيا، فإن الحلول أو حتى معالم انفراجة تبدو غائبة تماما.
في الحالتين، كان رد الأطراف الفاعلة، إقليميا ودوليا، هو الرفض القاطع لفكرة استقلال كردستان عن العراق أو كاتالونيا عن إسبانيا، وتكمن المشكلة في أن حق الشعوب في تقرير مصيرها هو مبدأ ثابت في عدد كبير من المواثيق الدولية، سواء في إطار الأمم المتحدة أو في أُطر سياسية أخرى عابرة للحدود مثل الميثاق الدولي لحقوق الإنسان، ولكن مبادئ القانون الدولي لا تختلف كثيرا عن الكتب المقدسة من حيث أن كلا يفسرها وفقا لمصلحته.
وتعددت مبررات رفض استقلال أي من الإقليمين، بل وربما ينبغي التساؤل عما إذا كانت هذه المبادئ ما زالت صالحة لإدارة وضع دولي تغير جذريا في عصر العولمة؟
في حالة كردستان، برز الظرف السياسي ومصالح القوى الإقليمية بصورة مباشرة، ولم يحاول أي طرف تجميل الصورة، بحديث عن قانون دولي أو مبادئ دستورية، ولكن الاستفتاء جرى بصورة طبيعية لأن حكومة كردستان تتمتع بقوة عسكرية قادرة على حمايته.
وفي حالة كاتالونيا، وإن حاول البعض التلويح بالدستور الإسباني وأحكام القضاء، إلا أن الحديث الأساسي ارتبط بالأوضاع الصعبة للاتحاد الأوروبي، وشاهدنا كيف يمكن للشرطة، في ديمقراطية أوروبية، أن تُمارس قمعا وحشيا للناخبين، أثار إعجاب الكثير من الديكتاتوريات.
ولكن السؤال مطروح، لماذا تبرز نزعات الانفصال أو الاستقلال على السطح بهذه القوة وفِي هذه اللحظة؟
وهل هي أسباب اقتصادية حيث تعتقد النخبة في كردستان وفِي كاتالونيا أنها تتمتع بالإمكانيات الاقتصادية لتحقيق ازدهار حقيقي في ظل أزمة عالمية مستمرة؟
أم أنها أسباب تتعلق بضعف وغياب الدولة المركزية، أو بالأحرى تراجع نموذج الدولة الوطنية؟
الدولة المركزية أو الدولة الوطنية تم ضربها بصورة مباشرة بالقوة العسكرية في العراق، وأكدت التطورات الإقليمية نهايتها، وتحول هذا البلد إلى ساحة صراع بين أقليات قومية ودينية على كعكة النفط والسلطة.
وتراجعت في إسبانيا لحساب البناء الأوروبي، حيث يعترف الجميع بأن القرارات الأساسية الخاصة بكل بلد أوروبي تتخذ في بروكسل، أو ربما في برلين، وعلى أساس اقتصادي بحت، واتحاد أوروبي تسوده الأزمات والعجز عن تطوير وتوسيع حركته إلى مجالات سياسية واجتماعية وثقافية، تدفع بأقاليم ثرية لتبني الرؤية الاقتصادية وحدها بحثا عن مصالحها.
نظرة سريعة على مستوى أوسع، على مستوى العالم تمنح السؤال مصداقية حقيقية، هل ما زال مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها صالحا أم أن العولمة تجاوزته تماما.
وهل يمكن لانتخابات أو لاستفتاء شعبي أن يحدد ملامح مستقبل شعب، أم أن قرارات من هذا النوع تتخذ حاليا في وول ستريت؟
كردستان … كاتالونيا بين حق تقرير المصير والعولمة
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك