تبنى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقاربة أكثر تشدداً إزاء إيران تشمل عدم التصديق على الاتفاق النووي ومواجهة الأنشطة الإيرانية المختلفة وأبرزها تطوير الصواريخ الباليستية ودعم الإرهاب، وزعزعة الاستقرار في المنطقة. ويعكس ذلك عملياً تركيز الإدارة الحالية على تصرفات إيران وسلوكها الإقليمي وهو ما كان يتجاهله فريق باراك أوباما. بيد أنه بالرغم من هذا التحول النسبي نلاحظ الكثير من التكرار في التهويل من جانب الطرفين والاكتفاء باللعب على رقعة الشطرنج الإقليمية مع تجنب المجابهة المباشرة إلا نادراًعلى مدار "الفيلم الأمريكي" أو المسلسل الطويل بين واشنطن وطهران والمستمر فصولاً منذ 1979. وسيكون اختبار القوة المرتسم الملامح منعطفاً حساساً ضمن مخاض صراعات الإقليم فإما أن يشكل فرصة لتحجيم إيران ولجم مشروعها الإمبراطوري أو يكون مجرد عاصفة جديدة في فنجان تدعم النظام الإيراني بدل إضعافه.
بعد تسعة أشهر على بدء ولايته، يجد ترامب نفسه ملزماً بتحديد موقفه من الاتفاق النووي الإيراني الذي يتوجب أن يصادق عليه كل ثلاثة أشهر. وها هو لم يمزق الاتفاق كما كان يهدد أثناء حملته الانتخابية، وذلك لعدم وجود توافق داخل إدارته والمؤسسات ولتفادي الانفراد في الانسحاب خلافاً للحلفاء الأوروبيين. ومن هنا بدل الاستمرار أو الانسحاب، يكتفي بالطريق الثالث أي عدم التصديق على الاتفاق وإحالته إلى الكونغرس ليكون سيد نفسه ويشاركه في قرارات مصيرية ومنها إدراج الحرس الثوري الإيراني على اللائحة الأمريكية السوداء للمنظمات الإرهابية.
في تجاوز لرهان الإدارة السابقة على الاتفاق النووي مع إيران، كمدخل إلزامي للاستقرار الإقليمي وربما للشراكة مع طهران، نلمح في المقاربة الشاملة لفريق ترامب سعياً لتشديد الضغط في كل الملفات مثل حرية الملاحة في الخليج ،توريد الأسلحة الإيرانية ومسألة حقوق الإنسان في الداخل. ترد إيران من جهتها على تصعيد ترامب عبر التبشير بعزلته الدولية وتتصور أن بإمكانها اللعب على التناقضات واختلاف المصالح بين واشنطن والأوروبيين. لكن تجميد الاتفاق لوحده لن يكون له انعكاسات تلقائية، و سيختلف التقييم في حال فرض عقوبات جديدة. وبالرغم من طبيعة الاتفاق الدولية والجماعية، فمن الواضح أنه كان يغلف ترتيباً ثنائياً بين واشنطن وطهران لم يصمد أمام عامل الوقت وأمام القراءة الخاطئة أو المتفائلة من قبل طهران للمشهد السياسي الأمريكي. والأرجح إن المواجهة المتوقعة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران ستدور ضمن حدود لجم وتقليص النفوذ الإيراني في المنطقة.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك