يأتي الاعتداء الإرهابي الذي حصل في كابول يوم الخامس والعشرين من شهر ديسمبر -كانون الأول الجاري وتبناه تنظيم" الدولة الإسلامية " بعد أسبوع واحد على اعتداء آخر أتاه التنظيم في العاصمة الأفغانية.
وإذا كانت الإحصائيات الرسمية الأفغانية تؤكد أن عدد العمليات الإرهابية التي ارتكبها هذا التنظيم في أفغانستان منذ بداية عام 2017 يقارب العشرين، فإن كل المعطيات المتداولة منذ سنتين تقريبا عن نشاطه في عدة مناطق من العالم تتحدث عن استراتيجية جديدة بدأ التنظيم يُعدُّ لها منذ تَشكُّل التحالف الدولي ضده في العراق وسوريا في صيف عام 2014.
ومن يقارن كل هذه المعلومات بعضها ببعض يخلص إلى نتيجة مفادها أن أفغانستان يمكن فعلا أن يكون القاعدة المركزية الجديدة التي يمكن أن يبنى عليها تنظيم " الدولة الإسلامية " استراتيجيته الجديدة بعد الهزائم الثقيلة التي مُني بها في العراق وسوريا وفي بعض مواقعه الواقعة في القارة الإفريقية. ومن أهم العوامل التي تشجع هذا التنظيم على إعادة التموضع انطلاقا من أفغانستان تلك التي تتمثل في طبيعة الرقعة الترابية الأفغانية وطبيعة العناصر البشرية التي سيعتمد عليها لتنفيذ استراتيجيته الجديدة.
لقد كان كثير من الخبراء العسكريين يقولون عند انطلاق الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" في صيف عام 2014 في العراق وسوريا إن عملية إضعاف التنظيم ربما كانت تتطلب بضعة أسابيع ليس إلا. أما القضاء عليه فإنه لن يستغرق بضعة أشهر. ولكن الحملة عليه في هذين البلدين استمرت أكثر مما كان متوقعا ولم تنته بعدُ برغم التطمينات الصادرة عن التحالف ومن روسيا والسلطات العراقية والسورية. وأدرك التنظيم من جهة أخرى أن من أسباب انتكاسته في العراق وسوريا سهولة رصد تنقلات عناصره في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرته. وبالرغم من أنه فضل المواجهة من خلال استخدام سكان المدن التي اقتحمها دروعا بشرية بالإضافة إلى عدم التجانس الذي كان قائما بين عناصره المقاتلة لاسيما بين العناصر الداخلية وتلك التي أتت من بلدان عربية أخرى ناحية والعناصر غير العربية من ناحية أخرى.
أما تضاريس أفغانستان، فهي تختلف تماما عن تضاريس العراق وسوريا. وهي تُسهل على تنظيم "الدولة الإسلامية" التموضع والتحرك وتجعل عملية الترصد عليه أكثر تعقيدا. زد على ذلك أن التوصل إلى تجانس بين المقاتلين العرب وغير العرب في هذا البلد أمر أكثر يسرا مما كان عليه الأمر في العراق وسوريا. فتجربة المقاتلين العرب والفرنسيين السابقة مع تنظيم القاعدة جعلتهم يحتكون بمقاتلين من دول الجوار الأفغاني ولاسيما من باكستان وطاجيكستان وأوزبكستان. وأرض باكستان وهذه البلدان خصبة لتعزيز الأنشطة التجارية التي تغذي الإرهاب ومنها بشكل أساسي تجارة المخدرات والفساد المستشري حتى لدى جيوشها.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك