تمر حاليا ولاية إيمانويل ماكرون بفترة حرجة إذ يجتاز الرئيس الفرنسي أول اختبار سياسي يضع مصداقيته وسياسية على المحك. وبالمقارنة مع التحديات التي استطاع تخطيها في بداية الولاية يبدو مشروعه حول الهجرة واللجوء موضع توتر وإحراج قد يتسبب في تصدعات داخلية وإنعاش للمعارضات الحزبية التي تحاول أضعاف أدائه السياسي في أخطر موضوع تعامل معه الرئيس ماكرون وهو إصلاح قانون العمل حيث استطاع الرئيس الفرنسي أن يتجاوز العقبات عبر دهاء سياسي مكنه من تفتيت الجبهة النقابية وسحب البساط من تحت أقدام القوى السياسية التي رفعت شعار المعارضة والاحتجاج الشعبي.
أما بخصوص إشكالية الهجرة فقد أعطى الرئيس الفرنسي الانطباع انه خسر نسبيا المعركة الإعلامية إذ وبعد الكشف عن مضمون المقاربة الحكومية لمعالجة إشكالية اللجوء والهجرة عبرت عدة شخصيات نافدة وجمعيات حقوقية عن خيبة املها وامتعاضا من هذه المقاربة وذهب البعض إلى التوقيع عن عريضة نشرت في وسائل الإعلام الفرنسية تساءل الرئيس عن إنسانيته تلك آلتي صبغ بها مواقفه خلال الحملة الانتخابية وجعلته يمدح الخيارات آلتي اتخذتها وقتها المستشارة الألمانية انغيلا مركل والتي فتحت أبواب بلادها لأفواج هائلة من اللاجئين.
بيت القصيد الذي أشعل نار الاحتجاج لدى صفوف هذه الجمعيات الحقوقية يطال الضوء الأخضر الذي سيمنحه القانون الجديد للسلطات الأمنية لملاحقة اللاجئين حتى في مراكز الإيواء آلتي تديرها جمعيات إنسانية أو دينية التي اعتبرته ضربة موجعة لقيم وفلسفة مبدأ اللجوء السياسي والإنساني الذي تتميز بها التجربة الفرنسية عن باقي البلدان.
وتعزو بعض الأوساط السياسية هذا التوتر بين إيمانويل ماكرون وبعض الفاعلين الجمعويين إلى سببين أساسيين. الأول انه وتحت ضغط استطلاعات الرأي أرغم الرئيس ماكرون على اتباع سياسة أكثر حزما بنية إضعاف اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبين واليمين التقليدي بزعامة لوران فوكيي عبر سحب ورقة الهجرة من استراتيجيتهم الهجومية. والسبب الثاني أن إيمانويل ماكرون وخلافا للمسطرة المتبعة منذ بداية الولاية لم يقم بعملية استشارية قبل اتخاذ هذه القرارات اعتقادا من فريقه أن الراي العام الفرنسي الذي يئن تحت وطأة الهجرة غير الشرعية والتهديديات الإرهابية مستعد لقبول كل الخيارات.
ومن سخرية القدر أن يتعثر إيمانويل ماكرون في إشكالية لم يكن أحد يتوقع أنها ستشكل تحديا كبيرا قد يشوش على ولايته وعلى المشاريع الإصلاحية التي ينوي إطلاقها خلال هذه السنة. وكان جولة ماكرون أن زار منطقة كالي الرمزية عشية قمته مع رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي لمناقشة اتفاقية لوتوكيه آلتي تجعل من فرنسا الدركي الذي يحمي بريطانيا من موجات الهجرة آلتي تقصدها والتنازلات آلتي تريدها باريس مت لندن في هذا المجال.
الامتحان العسير الأول لإيمانويل ماكرون
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك