عشية السبت الرابع عشر من تظاهرات السترات الصفراء، كشف استطلاع للرأي على أن أغلبية من الفرنسيين تبلغ ٥٦٪ تطالب بوقف المظاهرات، وذلك للمرة الأولى، بعد أن ظلت الأغلبية تدعم استمرار المظاهرات منذ بداية الحركة في السابع عشر من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وبالرغم من هذا التحول إلا أن الأغلبية وبنسبة ٥٨٪ أعلنت عن تعاطفها وتأييدها للسترات الصفراء.
وتنبغي الإشارة إلى أن هذه الأرقام تأتي بعد ثلاثة عشر أسبوعا من مظاهرات كل يوم سبت، وفي ظل حملة سياسية وإعلامية وبوليسية عنيفة ضد الحركة.
منذ المظاهرة الأولى سارع السياسيون والمحللون والقنوات الإخبارية لوصم مجمل الحركة بالعنف والتخريب ولكن أغلبية الفرنسيين استمرت في تأييدها، خصوصا وأن أغلب المتظاهرين، الذين شاهدوهم على شاشات التلفزيون، كانوا من أبناء الطبقة المتوسطة وأرباب العائلات، وانتقلت الحملة لاتهام السترات الصفراء بأنهم مسيرين من قبل تيارات سياسية متطرفة، وخصوصا اليمين المتطرف، وهم بالتالي عنصريون واستمرت الأغلبية تدعمهم، وخلال الأسبوع الماضي، ومع ظهور رسومات معادية للسامية في بعض الأماكن العامة، لم يتردد رئيس الدولة إيمانويل ماكرون في الربط بين ما وصفه بتصاعد معاداة السامية في لفرنسا وحركة السترات الصفراء، بالرغم من غياب أي دليل يربط بين الحركة والرسامات المعادية للسامية.
وبصرف النظر عن سلسلة الاتهامات السياسية المتتالية هذه، ظل اتهام تخريب الاقتصاد والتسبب في الخسائر المالية الكبيرة هو المهيمن في أجهزة الإعلام على مدى الأسابيع الثلاثة عشر، كما واجه المتظاهرون عمليات قمع بوليسي أدت لسقوط المئات من الجرحى، وفقد عشرون منهم عيونهم، وخمسة فقدوا إحدى اليدين بأسلحة قوات مكافحة الشغب، مع الإشارة لسقوط المئات من الجرحى، أيضا، في صفوف رجال الشرطة.
والسؤال، ماذا فعلت الحكومة، سياسيا، أمام هذه المواجهة التي تمتد إلى ثلاثة أشهر ونصف؟
الإجابة هي النقاش الوطني، وحوارات أخرى بين المسئولين ومواطنين، كان آخرها بين رئيس الحكومة إدوارد فيليب وعشرة مواطنين وعلى شاشات التلفزيون، لم يتمكن خلاله رئيس الحكومة من إقناع المشاهدين، وفق استطلاع للرأي، والأهم هو تلك الفجوة الهائلة التي برزت بين الحديث والمنطق الحكومي، وما يطرحه رجل الشارع بشأن أوضاعه المعيشية وأزماته المتزايدة التي تدفع بالطبقة المتوسطة إلى الاختفاء والتحول إلى طبقة فقيرة.
السياسيون والمعلقون والقنوات الإخبارية تبدي سعادتها بتراجع التأييد الشعبي لعملية التظاهر، وتواصل توجيه الاتهامات للسترات الصفراء، ولكن هل يعتقدون أن اختفاء حركة الاحتجاج من الشارع تعني نهاية موجة السخط والغضب، وما يمكن أن تؤدي إليه في مستقبل قريب؟
السترات الصفراء: مخربون أم يمين متطرف أم معادون للسامية؟
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك