موضوع قديم جديد، تفرضه الأحداث والاعتداءات الأخيرة التي تعرضت لها فرنسا، وأعني التنظيمات الإسلامية الجهادية المتطرفة واستخدامها لشبكة الإنترنت، وتحديدا شبكات التواصل الاجتماعي، ليس فقط في عمليات الدعاية وإنما، وهو الأهم، في تجنيد شباب البلدان الغربية، سواء ممن كانت أصولهم عربية مسلمة، أو من سكان البلاد الأصليين الذين يعتنقون الإسلام قبل التوجه للجهاد.
ويشير الباحثون إلى أن عملية استقدام مقاتلين غربيين إلى أفغانستان، قبل ثلاثين عاما، كانت تستغرق وقتا طويلا، بينما ينتشر الجهاديون اليوم على كافة شبكات التواصل الاجتماعي مما يؤدي لتسريع هذا النوع من العمليات بصورة كبيرة.
تنظيم "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" ينشر مجلة الكترونية باللغة الانجليزية بعنوان "اينسباير" أي إلهام، باللغة العربية، يضمنها فكره العقائدي والآليات اللازمة لتنفيذ الاعتداءات، أكثر من ذلك نشرت المجلة في أحد أعدادها الأخيرة تهديدا موجها إلى فرنسا... بل ووضعت ضمن لائحة "أكثر الأشخاص المطلوبين" اسم رئيس تحرير صحيفة "شارلي ايبدو" ستيفان شاربونييه الذي قتل في الاعتداء.
ولكن تنظيم داعش يبقى هو الأقوى في استخدام الشبكة الدولية، ويفضل شبكات التواصل الاجتماعي تويتر وفايسبوك، ويبث التنظيم أربعة إلى خمسة أشرطة فيديو أسبوعيا ووصل الأمر إلى قيام مجموعة قراصنة من مؤيدي تنظيم داعش باختراق حسابي "تويتر" و"يوتيوب" الخاصين بالقيادة المركزية الأمريكية المركزية، ونشرا عليهما وثائق عسكرية داخلية، بطبيعة الحال عملية الاختراق تؤخذ، عمليا على موقعي تويتر ويوتوب، والوثائق العسكرية الداخلية كانت منشورة بالفعل منذ فترة على مواقع أخرى إلا أن العملية تظل محرجة بالنسبة للجيش الأمريكي.
ربما كانت كل هذه العناصر هي التي دفعت بوزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف للقول بأن تسعين في المائة من الشباب الذي يغادر أوروبا للقتال في العراق وسوريا، تم تجنيده عبر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، ولا نعرف أسانيد الوزير الفرنسي لتحديد هذه النسبة.
ويبدو أن الهدف منها هو مجرد التأكيد على الدور الهام للشبكة الدولية في تجنيد هؤلاء الشباب وبرنار كازنوف لم يتميز في ذلك عن نظرائه في البلدان الأوروبية والولايات المتحدة والذين يستخدمون الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي كمسمار جحا الذي يعلقون عليه فشل حكوماتهم وسياساتها الاجتماعية والاقتصادية والأمنية... ذلك إن هؤلاء الشباب ولكي يستمعوا إلى دعوات التطرف والإرهاب بل والانتحار، فإنهم يعانون بالتأكيد من أوضاع مأساوية في تلك المجتمعات الصناعية المتقدمة.
وأيا كان الدور الذي يلعبه فايسبوك أو تويتر في تجنيدهم فإنه ينبغي في لحظة أن يلتقوا وجها لوجه مع الدعاة المتطرفين أو القائمين على الشبكات الجهادية... الإنترنت لا ترسل الانتحاريين للقتال... ولا تطلق النار على الصحفيين ورسامي الكاريكاتير.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك