يردد الكثيرون تعبير ثورة الاتصالات لاتهامها بأنها خربت عقول الشباب، وأبعدتهم عن القراءة والكتابة بالصورة التقليدية.
إعلان
تعودنا أن نسمع انتقادات حادة للإنترنت فيما يتعلق بتطور ثقافة الأطفال والشباب الذين كانوا يبدأون في قراءة الكتب في سن معين ولكنهم توقفوا مع ثورة المعلومات وانصرفوا الى قراءة ما ينشر على الشبكة، وعندما يريدون البحث عن معلومات معينة لا يذهبون الى المكتبة وإنما يستشيرون موقع ويكيبيديا بكل عيوبه.
انتقادات صحيحة مائة في المائة تؤكدها تراجع نسب القراءة وشراء الكتب، ليس فقط لدى الشباب وإنما بصورة عامة، ولكن - وهناك دائما ولكن - هذا الجانب ليس الوحيد وتوجد جوانب اخرى كثيرة تتعلق بالقراءة والكتابة والإنترنت تؤدي الى نتائج مختلفة.
لنتحدث عن المتعلم متوسط الثقافة الحاصل على شهادة جامعية، والذي تعود في المدرسة - في حال نظام تعليمي جيد - ان يكتب مواضيع مختلفة خلال مراحل الدراسة، ولكنه كان يتوقف نهائيا عند انتهاء دراسته عن كتابة اي نصوص حقيقية.
ولكن الصورة انقلبت جذريا، منذ حوالي خمسة عشر عاما، مع بروز إمكانية التفاعل مع الأحداث عبر الشبكة الدولية، التي سمحت لأي شخص ولكل شخص بان يفكر بصوت عال امام الجميع، والاهم من ذلك ان يكتب أفكاره وآرائه، بما يعنيه ذلك من ان يفكر لبعض الوقت فيما يريد ان يقول قبل ان يكتبه وينشره على الشبكة، ثم يتلقى ردود الفعل الايجابية والسلبية، وهو ما ينعكس، بالضرورة، على نمط تفكير كل منا ويدفعه في الكثير من الأحيان لتعديل بعض الافكار التي يعبر عنها، أضف الى ذلك ان نمط الحديث مع الاخرين يشكل درسا هاما في أصول الحوار وآدابه.
نقطة اخرى تتعلق بتواصل الاشخاص الذين يتبنون افكارا متقاربة او أنماط حياة متشابهة، باختصار، اصبح ممكنا للأشخاص المتقاربين في نمط التفكير أن يلتقوا على الشبكة ويشكلون بالتالي جماعات متميزة، وهو امر اصبح سهلا ولكنه كان في غاية الصعوبة قبل ذلك ويشكل تطورا اجتماعيا في غاية الأهمية.
ثالثا، أدوات التعبير، فبعد ان كانت الكلمات الشفهية بين شلة من الاصدقاء او زملاء العمل هي الوسيلة الوحيدة، لم تعد مجرد الكلمات المكتوبة، وإنما أصبحت ايضا الصورة وفيلم الفيديو ادوات التعبير عن كل منا، بكل ما يعنيه ذلك من التعرف على هذه الأدوات، والاهم من ذلك تعديل وتطوير اُسلوب التعبير ليصبح - ان صح التعبير - اسلوبا متعدد الوسائط.
مما لا شك فيه ان كل منا انتقل الى مرحلة جديدة ونمط مختلف للتفاعل مع مجتمعه في مختلف المجالات ومع الآخرين بفضل الانترنت وشبكاته المختلفة.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك