الصورة الرسمية للمؤتمر العالمي للمناخ المفترض أن تجمع العشرات من رؤساء وقادة الدول، فيما يبدو كتحرك استثنائي لحماية المناخ، غير مقنعة بالنسبة للكثير من جمعيات ومنظمات الدفاع عن البيئة والتي تريد التعبير عن مواقفها، ولكن حالة الطوارئ بالمرصاد.
إعلان
شبكات التواصل الاجتماعي أقوى الأدوات للالتفاف ولمكافحة قوانين وقرارات منع التعبير، وهذا ما اختبرته أنظمة بوليسية وقمعية في منطقتنا أثناء الربيع العربي وفي مناطق أخرى من العالم، وهو أيضا ما تختبره اليوم ديمقراطيات عريقة تمر بظروف صعبة مثل فرنسا، واختارت حكومتها تطبيق قانون الطوارئ ومنع المظاهرات بعد اعتداءات باريس الدامية.
وتكمن المفارقة في أن الاختبار الأول يأتي من فئة لا يمكن الاشتباه بارتباطها بفكر ديني متطرف أو منظمات متشددة، وأعني المدافعين عن البيئة الذين يرفضون منهج المؤتمر العالمي للمناخ وما يقدمه من قرارات، والذين بدءوا في تنظيم مظاهرات الاحتجاج عشية المؤتمر وأثناء انعقاده منذ فترة طويلة، ولكن أجهزة الأمن ـ واعتمادا على قانون الطوارئ ـ قررت منع هذه المظاهرات، الأمر الذي أثار ثائرة المدافعين عن البيئة.
وهنا تظهر شبكات التواصل الاجتماعي التي تواصل عبرها منظمو الحركات الاحتجاجية مقترحين أشكالا مختلفة من التظاهر، وأولها يحمل تسمية "تظاهر من أجلي" حيث توفر الشبكة لكل متواجد في فرنسا ويريد التظاهر اتصالا مع شخص في بلد آخر، سينزل إلى الشارع في بلده، وفي الموعد الذي يتم الاتفاق عليه حاملا صورة الفرنسي الذي اتصل به، ليتظاهر باسمه.
مبادرة أخرى، إلكترونية مائة في المائة هذه، حيث يتم تسجيل كل من يريد التظاهر وتحديد موقعه بنظام تحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية، ويتم تمثيله بشخصية صغيرة توضع في موقعه على خريطة فرنسا لتوضيح حجم التعبئة ضد ما يمثله المؤتمر.
وهناك من دعا الجميع، سواء من المشاة أو ممن يقفون في نوافذ منازلهم للقيام بمختلف أنواع الضجيج في لحظة معينة من النهار، وجمعية أخرى دعت المحتجين للتجمع والتظاهر بالرغم من المنع، قائلة "إن أغلى القيم لدينا تتمثل في رفض الفرنسيين على مدى قرنين أن تترك الشارع في أيدي الجيش والشرطة".
وهناك جمعيات وتيارات دعت لتشكيل سلسلة بشرية في أحد شوارع باريس الرئيسية وأخرى طالبت كل من المحتجين بوضع فردتي حذاء في ميدان الجمهورية فيما يمكن تسميته بمظاهرة الأحذية، والتي غطت كامل الميدان، بالفعل، عشية انعقاد المؤتمر.
من كانوا في باريس، أمكنهم أن يشاهدوا كيف خرجت كافة هذه المبادرات إلى حيز الواقع، وكيف اشتبكت الشرطة مع من قرروا التظاهر بالرغم من المنع، ونشرت الصحف صور الأحذية في ميدان الجمهورية، والسلسلة البشرية التي ضمت، وحدها، 4500 شخص.
وما عانت منه الأنظمة في مصر وتونس وبلدان الربيع العربي قبل بضع سنوات عندما تحرك الشباب عبر فايسبوك وتويتر، تعيشه السلطات الفرنسية اليوم.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك