هل تسهل ثورة الاتصالات أنماطا معينة من العمل وتنظيم الإنتاج، بحيث تظهر فئة يمكن ان نسميها العبيد في ثورة الاتصالات؟
العبيد في ثورة الاتصالات، ونتحدث، تحديدا عن العبيد في عالم العمل، وفِي القرن الحادي والعشرين، في قطاعات الإنتاج المرتبطة بالمعلوماتية وبثورة الاتصالات.
الأشكال التقليدية والأساسية للعمل في المجتمعات الغربية المتقدمة تقوم على عقد عمل طويل الأمد أو مؤقت، أي أن العامل يتواجد في مكان العمل يوميا لعدد يحدده القانون من الساعات، وتتلخص مهمة رب العمل في توفير مهام إنتاج، يوميا وعلى مدى ثمان ساعات.
حلم أرباب العمل كان، دوما، أن يكون التعاقد على حجم العمل وليس على وقت العمل لأنه أكثر ربحا، ومن هنا طوروا النظام الذي يمكن أن نسميه "العمل في السلسلة" حيث يقوم كل عامل بإنجاز جزء محدود وصغير من صناعة الجهاز، بصورة متكررة، ويقوم عامل آخر بإنجاز جزء آخر محدود وصغير، وهكذا حتى نصل إلى صناعة الجهاز، بكل ما يعنيه الأمر من تحول العامل إلى ترس في الماكينة لا يكتسب أي خبرة مهنية خاصة.
لماذا هذه المقدمة الطويلة؟ … لأنها ضرورية لفهم النظام الجديد الذي يفرضه عدد من الشركات التي ستستخدم، أساسا، الشبكة الدولية والأداة المعلوماتية. هذه الشركات تطلب من عدد من المشتركين في شبكة وضعتها عبر الهواتف الذكية القيام بمهام صغيرة جدا مقابل أجر أصغر بكثير.
ولنفترض أنك، عزيزي المستمع، تريد زيادة دخلك الشهري واشتركت في هذه الشبكة، فإنك ستجد، يوميا قائمة من المهام، ولك الحرية في اختيار ما تريد، بدءا من طباعة جملة مكتوبة بخط اليد على موقع معين مقابل بضع سنتيمات أو تحديد الكادر على صورة فوتوغرافية مقابل بضع سنتيمات أخرى أو التقاط صورة لشاشة برنامج معين على التلفزيون مقابل يورو واحد، أو القيام بعملية بحث محدودة على محركات البحث مقابل يورو ونصف اليورو أو الانتقال إلى متجر والـتقاط صورة لمنصة بضائع وأسعار، في إطار تقرير لحساب شركة منافسة مقابل يورو ونصف اليورو.
ويقوم عمل هذه الشركة على تجزئة الأعمال المطلوبة منها إلى جزيئات صغيرة للغاية وطرحها على الشبكة لآلاف المشتـركين بحيث يقوم كل منهم بجزء ضئيل من المهمة مقابل بعض السنتيمات، وهنا لا وجود لعقد عمل، وبالتالي لا وجود لتأمين صحي أو تعويض بطالة … أو أي من الحقوق التي يكفلها قانون العمل.
وإذا علمت، عزيزي المستمع، أن إحدى العاملات في هذه الشبكة أوضحت أنها تعمل لمدة ساعتين يوميا مقابل اثنين يورو ونصف اليورو في الساعة، بينما يبلغ أجر عاملة النظافة عشرين يورو في الساعة … لأدركت لماذا تحدثنا عن العبيد في ثورة الاتصالات.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك