تعرض الصحفيون الذين كانوا يغطون مظاهرات السترات الصفراء، في الكثير من الأحيان للهجمات اللفظية والشتائم من قبل المتظاهرين، وكانت الصفات التي يطلقها المتظاهرون عليهم تتراوح بين "المتعالي"، "العنجهي" وألفاظ أخرى يصعب ذكرها هنا.
استطلاع للرأي أوضح أن نسبة السترات الصفراء الذين يتابعون الأخبار عبر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي يتجاوز نسبة من يفعلون ذلك من مجمل الفرنسيين.
وينبغي القول أن هذا التوجه لم يبدأ مع السترات الصفراء، وإنما ظهر منذ سنوات وأن قسما هاما من الطبقة الوسطى والفقيرة والشباب وبعض المثقفين يعتقد أن شبكات التواصل الاجتماعي يمكن أن تكون مصدرا محايدا للأخبار، والأهم من ذلك، أنها يمكن أن تكون مصدرا للأخبار التي تهملها أدوات الإعلام التقليدية.
وربما أشهر من جعل من هذه المقولات شعاره الأساسي هو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي لا يدخر فرصة للهجوم على الإعلام واتهامه بنشر الأخبار الكاذبة.
كما يجب القول إن الصحافة التقليدية، سواء المطبوعة أو السمعية أو البصرية، تنشر أو تبث الأخبار وفق فقرات معروفة ومحددة من حيث المحاور التي تتناولها، أخبار محلية، دولية، اقتصادية، ثقافية … الخ، وعندما تتصاعد أزمة فئات اجتماعية معينة، فإنها لا تجد مكانا للتعبير عن نفسها، وهي عاجزة عن الوصول إلى منابر التعبير هذه، ولا تشاهد سوى النخبة في الإعلام، والوضع يختلف جذريا على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث تجد هذه الفئات الاجتماعية الغير مرئية في الاعلام التقليدي، مكانها والقدرة على بث وتلقي أخبارها والتعبير عن أزمتها ومطالبها.
ولكن، الهرب من الإعلام التقليدي، بعد اتهامه ببث الأخبار الكاذبة، يدفع عمليا بهذه الفئات إلى أكبر ساحات الأخبار الكاذبة، ذلك إن مختلف القوى بما في ذلك نخب السلطة، ليس فقط المحلية وإنما الأجنبية أيضا، تحتل مواقع هامة على هذه الشبكات وبإمكانيات كبيرة، وأشهر الأمثلة كانت تدخل مجموعات روسية على علاقة بالكرملين في الانتخابات الأمريكية ومحاولتها التأثير على مجرى الأحداث في فرنسا أثناء حركة السترات الصفراء، وهناك أمثلة أخرى كثيرة.
على كل فإن المحتجين ضد النخب المهيمنة حاليا، يدركون ذلك، واستطلاع الرأي الذي تحدثنا عنه يقول أن نسبة السترات الصفراء التي تلجأ للشبكات الاجتماعية كمصدر للأخبار أعلى من هذه النسبة في عموم الفرنسيين، ولكن أغلبية السترات الصفراء ما زالت تلجأ للإذاعة والتلفزيون لمتابعة الأخبار، ويسارع ممثلوهم إلى استديوهات التلفزيون عند دعوتهم للمشاركة، بل وأشهر أصحاب هذا التوجه، دونالد ترامب الذي يهاجم الإعلام كل صباح يمضي المساء أمام القنوات الإخبارية التي يهاجمها.
المعادلة صعبة ليس فقط للنخب المهيمنة وللإعلام، وإنما أيضا للفئات المهمشة واللاجئة إلى فايسبوك.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك