واحد وعشرون مليون جزائري متصلون بالإنترنت وفق ما يقوله بعض المراقبين، وبصرف النظر عن الرقم الدقيق في هذا المجال فإن الشبكة الدولية برزت بصورة كبيرة في مظاهرات الجزائريين وعلى اليافطات التي رفعوها، مثل يافطة تقول "خطأ ٤٠٤، الرئيس غير موجود" في استخدام لأحد رسائل أخطاء نظام الكومبيوتر، ورسالة "Game over" المعروفة، ولكن اليافطة التي تهمني هي التي قالت "واي فاي، الشعب متصل والنظام منفصل".
النظام منفصل لأنه، وكما جرت العادة، في كل مرة تشتعل فيها حركة احتجاج شعبي، يسارع النظام أو السلطة أو أنصار الأنظمة القديمة لتوجيه أصابع الاتهام إلى الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، وتحملها مسؤولية إثارة الفوضى ومحاولة هدم البلاد والقضاء على الدولة، بحيث أصبحت هذه الشبكات المتهم والمسؤول الأول والأخير عن أزمات المجتمع، وكبش الغداء لكافة الكوارث الناجمة عن سياسات السلطة الاقتصادية الاجتماعية.
ولم يعد يقتصر الأمر على مجرد الحملات التي تدعو المواطنين للحذر من شبكات التواصل الاجتماعي والامتناع عن استخدامها، وإنما تذهب الأنظمة، سواء المتخلفة أو المتقدمة، لإصدار القوانين والتشريعات للتحكم فيما يحدث على الشبكة، والسلاح الرئيسي الجديد لهذه الأنظمة هو الأخبار الزائفة أو Fake news، ويجب القول إنها حقيقة وأن شبكات التواصل الاجتماعي حافلة بالأخبار الزائفة، ولكنها ليست الوحيدة فأجهزة الإعلام التقليدية هي حافلة بدورها بالأخبار الزائفة المباشرة وغير المباشرة.
قبل ثماني أعوام سلط التلفزيون المصري الرسمي كاميراته على جسر قصر النيل الخالي مؤكدا أن الأوضاع هادئة أثناء ثورة ٢٥ يناير، بينما ميدان التحرير مشتعل على بعد بضع المئات من الأمتار، واليوم شاهدنا في الجزائر احتجاجات الصحفيين واستقالة مسؤولة كبيرة في التلفزيون الرسمي ضد تجاهل هذه الأجهزة للمظاهرات الرافضة لفترة رئاسية خامسة للرئيس بوتفليقة، وحتى في بلد مثل فرنسا، ما أن هاجم وزير الداخلية القنوات التلفزيونية واتهمها بتضخيم ظاهرة السترات الصفراء عبر تغطية مظاهرات الحركة كل يوم سبت، حتى امتنعت أغلب القنوات عن تغطية مظاهرات السبت التالي لتصريحات الوزير واكتفت بأخبار أخرى ثانوية.
المشكلة الحقيقية تكمن، بالتالي، في أن الإعلام التقليدي لم يعد قديما وعاجزا عن مواكبة متطلبات العصر فحسب، وإنما يستمر، نتيجة لوضعه الضعيف، في الخضوع لرغبات السلطة السياسية، وهو الذي يجعل من شبكات التواصل الاجتماعي المصدر المفضل للأخبار، بالرغم من عيوبها.
إذا كان بيتك من زجاج فلا ترمي الناس بالحجارة، وإذا كنت عاجزا عن تزويد رجل الشارع بكافة الأخبار بموضوعية وبصدق فلا ترمي شبكات التواصل الاجتماعي بالأخبار الزائفة.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك