آخر جولات حركة احتجاجات السترات الصفراء في فرنسا، شهدت أعمال تخريب شديدة العنف في جادة الشانزليزيه، أجمل جادة في العالم، أعمال تخريب أدت على سبيل المثال إلى تحطيم مقهى ومطعم الفوكيت الشهير عالميا والذي يشكل أحد رموز الثراء واللقاء بين عالمي السياسة والمال.
الأحداث أدت لردود أفعال قوية في الإعلام ومؤسسات الدولة، وطرح عدد من النواب اقتراحات تشريعية لملاحقة المخربين والمشاغبين، تتضمن بندا يهمنا ويتعلق باستخدام برنامج للذكاء الاصطناعي، المتصل بكاميرات مراقبة الشوارع والأماكن العامة، للتعرف على الوجوه.
ولا نتحدث هنا عن البرامج المعروفة في هذا المجال، ولكنه برنامج جديد يعتمد على تقنية الذكاء الاصطناعي، ويستطيع التعرف على هوية الشخص، وإن كان يرتدي غطاء للرأس وقبعة ونظارات سوداء.
وتبلغ نسبة النجاح في تحديد الهوية الحقيقة ٦٠٪، ويقوم مبدأ تطوير البرامج التي تستخدم الذكاء الاصطناعي بتزويدها بآلاف الصور الحقيقة لأشخاص ثم نفس الصورة بعد تزويدهم بلحة زائفة أو غطاء للرأس، بطبيعة الحال ما زالت عملية تطوير هذا البرنامج في البداية، ولكن خاصية برامج الذكاء الاصطناعي أنها تزداد فعالية ودقة مع تزايد المعطيات التي تحصل عليها.
ولكن المختصين في دراسة وتقييم برامج التعرف على الوجوه في جامعة كاليفورنيا في لوس آنجليس ينبهون إلى أن هذه البرامج ترتكب أخطاء كبيرة في التمييز بين المرأة والرجل.
وكلما كانت الصورة فاتحة الألوان، فإن البرامج تنجح في التمييز بين الجنسين بنسبة ٩٤٪ ولكن ما أن تكون الصورة معتمة ترتفع نسبة الخطأ في التمييز بين الرجل والمرأة لتصل إلى ٢٠٪.
وتكمن المشكلة في العينة التي تم تزويد البرنامج بها، إذ أنها تتألف من صور فاتحة الألوان بنسبة ٨٠٪ وأنها صور رجال بنسبة ٧٥٪، وينبغي، بالتالي، تعديل عينة الصور ولكن هذا غير كاف، في حد ذاته، إذ ينبغي أيضا تغيير خوارزميات البرنامج.
عموما يوجه الباحثون تحذيرا شديد اللهجة من استخدام هذه البرامج، بحالة تطورها الراهنة، للبحث عن الأشخاص أو اعتقالهم نظرا لارتفاع نسبة الخطأ المحتمل.
ولكن السلطات الأمنية والسياسية التي تواجه فشلا كبيرا بسبب تصاعد الحركات الاجتماعية والاحتجاجات وما صاحبها من عمليات عنف، تريد تهدئة الرأي العام والقضاء على هذه الحركات بأي وسيلة، مما يدفع بنواب الأغلبية للدعوة لاستخدام برامج التعرف على الوجوه.
ولا تقتصر المشكلة على الجانب التقني، ولكن الأهم هو ما يتعلق بالحريات والحدود التي تضعها الديمقراطية أمام السلطة لمراقبة مواطنيها، ذلك إن وزير الداخلية الفرنسي يقول اليوم إنه يريد التعرف على المخربين والإرهابيين، ولكن ماذا عن المعارضين السياسين لنظام ديكتاتوري.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك