أصبحت النباتات الملحية تشكل اليوم رهانا إستراتيجيا بالنسبة إلى العالم كله لعدة اعتبارات وأسباب لديها علاقة بالأمن الغذائي وظاهرة الاحتباس الحراري وتزايد الضغوط على الموارد المائية العذبة.
إعلان
النبتة الملحية هي نبتة تحب الملوحة وتنمو فيها لاسيما في شواطئ البحار والمحيطات وفي المستنقعات ذات المياه المالحة أو شبه المالحة والسباخ. وتسمى النباتات الملحية باللغة الإنجليزية Halophiles أوplantes halophiles باللغة الفرنسية. والكلمة مشتقة من عبارة يونانية مركبة من alos أي الملح وphilein أي فعل أحب. من هنا إذن جاءت تسمية النباتات المحبة للملح. وهي نباتات ينتظر أن تحظى في المستقبل باهتمام متزايد من قبل الناس حيثما يكونوا لعدة أسباب منها ندرة المياه العذبة لتزايد الضغوط عليها من جهة ولاستخدامها العشوائي من جهة ثانية بالإضافة إلى كون مصادر المياه العذبة معرضة أكثر فأكثر لمخاطر كثيرة أخرى منها التلويث والتصحر وتزايد موجات الجفاف بفعل ظاهرة الاحتباس الحراري.
لكل هذه الأسباب وأسباب أخرى بدأ العلماء والباحثون والسياسيون يخططون لمشاريع علمية وزراعية ضخمة هدفها الاستفادة بشكل أفضل من النباتات الملحية للإسهام في تلبية حاجات الإنسان والحيوان الغذائية وحاجات كثيرة أخرى تعود بالفائدة على المجتمعات الإنسانية. ونظرا لأن المصادر المائية المالحة ولاسيما مياه البحار والمحيطات تشكل اليوم سبعة وتسعين بالمائة من مصادر المياه في الكرة الأرضية، فإن الإبحار عبر علوم المستقبليات يسمح بطرح أسئلة كثيرة معقولة منها السؤال التالي : كيف نستغل مياه البحار والمحيطات لنروي من خلالها في المستقبل بشكل متزايد بعض المزروعات أو على الأقل النباتات الملحية التي تصلح بشكل أو بآخر غذاء للإنسان أو علفا للحيوان أو أدوية أو مواد أخرى تصلح للاستهلاك ؟
وقد بدأ الباحثون في الرد بشكل متدرج على السؤال من خلال التوصل إلى تحديد عدد من النباتات الملحية التي يمكن أن تستعل على المدين القصير والطويل استغلالا اقتصاديا أمثل وبشكل مستدام. ولئن حدد هذا العدد بين ألفين وثلاثة آلاف نوع، فإن الأنواع النباتية الملحية التي يمكن استزراعها على نطاق واسع على نحو واعد لا تتجاوز اليوم قرابة العشرين. ومن هذه النباتات شجرة المانجروف ونبتة الساليكورنيا. فأشجار المانجروف تزرع اليوم بسهولة في الأراضي التي تغطيها المياه المالحة قرب المحيطات.
ولابد من الإشادة هنا بتجربتي السنغال وعمان في هذا المجال. وهما تجربتان أثبتتا بحق بأن هذه الشجرة قادرة على تثبيت التربة وحماية السكان والطبيعة والمحاصيل الزراعية من الأعاصير والتسوناميات غير العنيفة. ويسميها خبراء الثورات السمكية "حاضنة البحر" لأن كثيرا من الأسماك والكائنات البحرية الأخرى تلوذ بها لتتكاثر.
أما نبتة الساليكورنيا، فقد نجحت بلدان كثيرة منها المكسيك والولايات المتحدة والبلدان الخليجية في ترويضها واستزراعها في أحواض كبيرة. وكانت من قبل تستخدم علفا للحيوان. فاتضح اليوم أن بعض أجناسها يصلح للتغذية البشرية ويفيد الصحة البشرية عبر الغذاء ومن خلال أدوية و مستحضرات كثيرة تعد منها. وتحكي كتب التاريخ أن الملاحين الأوروبيين كانوا يحملون معهم في رحلاتهم الطويلة مجموعة من غصينات هذه النبتة التي لا تملك أوراقا ليمتصوها ويحدوا عبرها الإصابة بمرض الأسقربوط. وهو مرض قاتل أحيانا كان ينتشر لدى راكبي البحر في رحلات طويلة لا ينوع هؤلاء خلالها غذاءهم.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك