مفارقة إفريقية :عطش رهيب وكثير من المياه الجوفية العذبة

لا تزال صورة شاب مالي وأخته دعيا للمشاركة خصيصا في افتتاح منتدى المياه العالمي الأخير راسخة في أذهان الذين واكبوا فعاليات هذه التظاهرة التي نظمت دورتها السادسة في مدينة مرسيليا من 12 إلى 18 من شهر مارس /آذار الماضي. فقد وصف كلاهما بشكل دقيق وبسيط جدا عذاب  300مليون شخص يعانون اليوم من العطش ومن صعوبة الحصول على مقادير دنيا من الماء الصالح للشرب في القارة الإفريقية.

 

وصحيح أن هذه القارة تؤوي لوحدها ثلث الذين يشكون في العالم من مشكلتي العطش وصعوبة الوصول إلى الحد الأدنى من مياه عذبة آمنة.

 

ومع ذلك فإن فريقا من الباحثين ذكر مجددا في الأيام الأخيرة عبر دراسة أشرفت عليها عدة أطراف منها معهد الدراسات الجيولوجية البريطاني بأن القارة الإفريقية تزخر بالمياه الجوفية العذبة.

 

وقدرت كميات المياه الجوفية الإفريقية بأكثر من نصف مليون كيلومتر مكعب. وتوجد هذه المياه الجوفية بشكل خاص حسب تقنيات المسح والاستشعار عن بعد في باطن أراضي الجزائر وليبيا والتشاد والسودان ومصر.

 

وتخلص الدراسة إلى أنه بإمكان القارة الإفريقية أن تروي ظمأ عطشاها وتستجيب لحاجات الذين يشكون من شح المياه شريطة استغلال المياه الجوفية السهلة الاستغلال من خلال حفر آبار صغيرة وموزعة على مختلف المناطق التي تطرح فيها مشكلة شح المياه المطرية.

 

ويشدد واضعو الدراسة على ألا تزيد طاقة استغلال مياه هذه الآبار عن كميات تتراوح بين 100 ملليلتر و300 ملليلتر في الثانية الواحدة ذلك أن استخراج المياه الجوفية بكميات كبيرة عبر تقنيات متطورة جدا يؤدي حتما إلى هدرها من خلال التبخر والاستخدام العشوائي.

 

ولا بأس من التذكير هنا بأن عالم الفضاء الأمريكي المصري فاروق الباز كان هو الآخر قد أشرف في السنوات الأخيرة على وضع خرائط تؤكد وجود كميات كبيرة من المياه في باطن أراضي أفريقيا وشبه الجزيرة العربية. وقد تعالت أصوات كثيرة تدعو إلى التعامل مع مخزون الماء هذا بشكل ذكي لتلبية حاجات ضحايا العطش واستخدامه احتياطيا استراتيجيا للتكيف مع أثر التغيرات المناخية القصوى. ولاتزال هذه الأصوات غير مسموعة بما فيه الكفاية.