إحياء الأوساط الطبيعية الملوثة أمر معقد ولكنه ممكن

في السابع من شهر أغسطس – آب عام 2009 تعرض سهل " لاكرو " الشاسع إلى تلوث نفطي بعد تسرب كميات كبيرة من النفط إلى أتربة أراضيه من أنبوب كان يشقه.وفعلا استطاعت بقع الزيت التسرب بدورها في بعض أراضي هذا السهل الواقع في جنوب فرنسا والذي يقع في وسط طبيعي هش. فالسهل هو في بلدان أوروبا الغربية المنطقة الوحيدة التي لديها مواصفات الوسط البيئي المنتمي إلى فئة السهوب أو السباسب. ونذكر بأن السهب أو السبسب هو منطقة طبيعية لديها مناخ شبه جاف وتنبت في أراضيها أعشاب وشجيرات تصلح للرعي غير الجائر.

 

وكان يعتقد بعد تلوث سهل " لاكرو " الفرنسي وأتربة أرضه بالنفط أنه سيصبح فعلا منطقة عقيمة. ولكن من يزور هذا السهل اليوم يكتشف أن الحياة بدأت تعود إليه شيئا فشيئا بفضل جهود السلطات المحلية والإقليمية والدولة الفرنسية. فقد نقلت كميات كبيرة من الأتربة الملوثة بالنفط من السهل ووضعت محلها أتربة تشبهها في مواصفاتها الجيولوجية والبيولوجية. وتمثل إسهام الأوساط العلمية ومنها المعهد المتوسطي للتنوع الحيوي والبيئة لإعادة الحياة إلى هذا السهل في اختيار أنواع من النمل قادرة على إدخال عدد من البذور التي تنبت عادة في مناطق السهوب أوالسباسب داخل الأتربة الجديدة التي وضعت في السهل وحفر أروقة داخلية فيها تساعد على تهوية التربة وعلى نمو الكائنات الحية الصغيرة في هذا الوسط.

 

وبقدر ما ساهم النمل في إعادة الحياة لتربة أرض سهل " لاكرو" الفرنسي،بقدر ما أصبح الاعتماد اليوم على تربية الغنم في هذا السهل جزءا هاما من إستراتيجية إعادة الحياة لبيئة السهل كله انطلاقا من مبدأ أن الحفاظ على بيئة مناطق السهوب أو السباسب يمر أيضا عبر تربية مثل هذه الحيوانات شريطة أن يكون نظام التربية غير مكثف.

 

وكان عدد من مزارعي السهل قد استخدموا قبل تلوثه نظام الزراعة المكثفة في بعض أجزائه وساهموا في تلويث بيئته عبر الأسمدة الكيميائية. فمنع هذا النظام وأصبحت مشاريع الزراعة العضوية تشجع فيه للمساهمة في إعادة الحياة إليه بشكل تدريجي.