كانت فرنسا من قبل في صدارة البلدان الأوروبية الغربية التي توصلت إلى تربية فئة من الخيول المحلية القوية البنية بهدف المساعدة على القيام بالأعمال الزراعية ونقل البضائع وجر العربات في زمن السلام والحروب وإنتاج اللحوم. ولكن الثورة الصناعية التي بدأت في القرن التاسع عشر والتي تطورت كثيرا في القرن العشرين ساهمت في تقليص عدد هذه الخيول إلى حد جعلها فعلا مهددة بالانقراض.
ومن المدن الفرنسية التي أعادت الاعتبار لبعض الخيول المحلية من فئة الخيول هذه ، مدينة "تروفيل سور مير" الواقعة في منطقة النورماندي السفلى. فالخيلول المحلية التي كادت أن تنقرض من المنطقة كلها أصبحت اليوم تقوم بدور هام في إطار أنشطة كثيرة تجعل من هذه المدينة مثلا ينبغي الاحتذاء به في ما يسمى "مدن المستقبل" أي المدن التي لانمو على حساب الاعتبارات البيئية.
فمدينة "تروفيل" تستخدم اليوم خيولا لجمع النفايات المنزلية بشكل أكثر نجاعة وأفضل بالنسبة إلى البيئة والتنمية المستدامة مقارنة باستخدام الشاحنات . فقد كانت العربات التقليدية التي تجرها مثل هذه الخيول في القرى والمدن ثقلية جدا من ناحية وصغيرة الحجم من جهة أخرى. فأصبحت خيول اليوم تجر عربات خفيفة الوزن وأوسع وأكثر قدرة على جمع النفايات المنزلية على نحو أسرع من جمع النفايات عبر الشاحنات وقادر على خفض انبعاثات الغازات المتسببة في ظاهرة الاحتباس الحراراي بنسبة تصل إلى 25 في المائة.
ولا يكتفي الحصان المحلي في مدينة تروفيل الفرنسية بالمساعدة على جمع النفايات، فهو يستخدم أيضا لنقل الأطفال الصغار إلى المدارس ونقل المسنين إلى العيادات الطبية أو إلى شاطئ البحر أو حدائق المدينة أو على قضاء شؤون كثيرة أخرى.
وهذا ما حمل صحافيا محليا وأحد موظفي بلدية "تروفيل" يتولى أيضا مهام رئيس اللجنة الوطنية التي تعنى بهذه الخيول المحلية، على إعداد مادة كتاب مشترك حول هذه التجربة نشر تحت عنوان صيغ كما يلي "الحصان في خدمة المدينة". وإذا كانت "تروفيل" تستحق اليوم فعلا لقب "مدينة الاستدامة"في فرنسا، فإن سكانها فخورون بأن تسعى قرى ومدن فرنسية أخرى يتجاوز عددها الثلاث مائة، إلى الفوز بهذا اللقب عبر إعادة الاعتبار إلى الخيول المحلية.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك