في جزيرة جربة التونسية الواقعة في جنوب البلاد تظاهر المواطنون هذا الشهر مرتين اثنتين بشكل غير معهود بسبب النفايات المنزلية. أما المظاهرة الأولى فقد نظمتها منظمات المجتمع المدني وشارك فيها قرابة خمسة آلاف شخص. ومن الشعارات التي رفعها الأطباء الذين شاركوا في هذه المظاهرة واحد يقول: " جزيرة الأحلام تساوي جزيرة القاذورات والأمراض".
ويعبر هذا الشعار بصدق عن احتداد مشكلة النفايات المنزلية وغير المنزلية في هذه الجزيرة التي يعيش أهلها أساسا على السياحة وعلى الأموال التي يرسلها إليها كثير من سكانها الذين هاجروا إلى أوروبا ويعودون إليها مع أسرهم في فصل الصيف. وطالب المشاركون في المظاهرة الحكومة بالمسارعة إلى وضع حد لمشكلة النفايات التي أصبحت تتكدس باستمرار في الشوارع وفي مواضع غير مواضعها.
وأما المظاهرة الأخرى التي نظمت في جزيرة جربة التونسية هذا الشهر بسبب النفايات ، فإن مواطني بلدة "قلالة" الواقعة في شمال الجزيرة هم الذين قاموا بها يوم الحادي عشر احتجاجا على إعادة فتح مكب للنفايات قرب هذه البلدة كان قد أغلق في أكتوبر –تشرين الأول عام 2012بضغوط من مواطني البلدة أنفسهم. وحجتهم التي لا يزالون يلحون عليها دوما يمكن تلخيصها على الشكل التالي : ما كان على هذه البلدة أن تؤوي هذا المكب لأنها خالية من الفنادق السياحية التي تشكل مصدر النفايات المنزلية الأساسي في الجزيرة.
ولما كانت بلديات البلدات التي أقيمت فيها هذه الفنادق تتلقى أموالا من الدخول التي يدرها النشاط السياحي لتستخدمها في مجال إدارة النفايات، فإنه كان عليها أن تتولى عملية نقل النفايات والتخلص منها قرب هذه البلدات انطلاقا من مبدأ أن كل بلدة وكل مدينة وكل منطقة مضطرة إلى إدارة نفاياتها في إطار حدودها وإلى عدم استخدام القرى والمدن والمناطق الأخرى كما لو كانت مكبا لنفايات مصدرة.
واضح اليوم أن السلطات التونسية مضطرة إلى التعامل بجدية مع مشكلة النفايات لا في جزيرة جربة فحسب بل أيضا في مختلف مناطق البلاد الأخرى عبر إستراتيجية جديدة تولي ظهرها كل الإستراتيجيات التي اعتمدت حتى الآن والتي فشلت فشلا ذريعا في تحقيق الأهداف المرسومة لها لعدة سباب . وفي حال عدم التحرك بسرعة في هذا الاتجاه المطلوب ، فإن الأضرار الصحية والبيئية التي ستطال البيئة التونسية بسبب النفايات ستتضاعف أكثر من اللزوم وسيتحول الشغب الذي لديه علاقة بعجز الدولة التونسية عن مواجهة هذا الملف إلى غضب شعبي وخيم العواقب على الأمن العام وعلى الطبقة السياسية برمتها.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك