من أهم الأنشطة التي ساعد اتساع رقعة العولمة على التمكين لها وتوسيع رقعتها في مختلف أنحاء العالم تلك التي تتعلق بهجرة الكائنات الغازية عبر طرق عديدة منها في ما يخص البيئة الأرضية، أحذية المسافرين وحقائبهم والشاحنات التي تنقل البضائع.
وأما في ما يخص البيئة البحرية، فإن " مياه التوازن" تعد الوسيلة التي تفضلها الكائنات الغازية لتعبر بواسطتها بشكل سري من قارة إلى أخرى ومن ميناء إلى آخر ومن هذه المحيطات والبحار إلى تلك.
و"مياه التوازن" هي التي تلك التي تغرفها البواخر من البحر عند انطلاقها من الموانئ أو داخل البحار والمحيطات وتوضع في خزاناتها لتضمن توازنها خلال رحلتها وهي فارغة إلى الموانئ التي تتجه إليها بهدف تحميل بضاعتها.
وكثيرا ما تفرغ "مياه التوازن" قرب سواحل الموانئ التي تتجه إليها هذه البواخر أو في الموانئ التي ترسي فيها لتحميل البضاعة التي يراد نقلها.
وإذا كان جزء من الكائنات الغازية المهاجرة عبر " مياه التوازن" غير قادر على التأقلم مع البيئات البحرية التي تفرغ فيها، فإن غالبيتها تجد في هذه البيئات الجديدة إطارا مناسبا تتكيف معه وتنمو فيه أحيانا بشكل أفضل بكثير مما هو عليه الأمر بالقياس إلى بيئاتها الأصلية. ويعزى ذلك لعدة أسباب منها مثلا غياب الكائنات الحية الأخرى التي تتغذى منها. وهكذا تصبح كائنات غازية كثيرة شرا على البيئة وعلى الدورة الاقتصادية وأحيانا على الصحة.
وكانت الأسرة الدولية قد توصلت ـ بمساعدة المنظمة البحرية العالمية ـ إلى إبرام اتفاقية دولية عام 2004 للحد من مخاطر هذه الكائنات الغازية التي تتنقل عبر البواخر من خلال "مياه التوازن". ولكن الاتفاقية لم تدخل حتى الآن حيز التنفيذ لأن ذلك يحتاج إلى مصادقة ثلاثين بلدا عليها على الأقل شريطة أن تمتلك البلدان المصادقة على الاتفاقية 35 في المائة من الحمولات البحرية العالمية. وبالرغم من أن عدد البلدان التي صادقت حتى الآن على الاتفاقية يبلغ اليوم 40 بلدا، فإن هذه البلدان لا تمتلك اليوم إلا 30 فاصل خمسة وعشرين في المائة من هذه الحمولات.
ومن البلدان التي تملك أسطولا بحريا ضخما والتي لم توقع بعد على الاتفاقية، الصين الشعبية واليونان. ومن الحجج التي يتذرع بها أصحاب البواخر الكبرى في البلدان التي لم توقع بعد على الاتفاقية إرغامهم عبر بعض بنودها على تجهيز بواخرهم بأنظمة تعالج" مياه التوازن" قبل إعادة الإلقاء بها في البحر. ويقول هؤلاء إن هذه الأنظمة باهظة الكلفة.
ولكن خبراء البيئة البحرية يؤكدون اليوم أن عدم إرغام أصحاب كل البواخر التي تستخدم " مياه التوازن" على تجهيزها بهذه الأنظمة يشكل فعلا جريمة ضد التوازن البيئي البحري وضد الإنسانية لأن أضرار الكائنات الغازية البحرية البيئية والاقتصادية والصحية ما انفكت تزداد لاسيما عبر وسائل النقل البحري التي تؤمن لوحدها أكثر من 80 في المائة من المبادلات التجارية العالمية.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك