بإمكان العلم والمعرفة وترشيد استخدام الموارد الطبيعية في البوادي العربية تحويلها إلى معين للعسل العضوي ومنتجات عدة أخرى لا تحتاج إلى مياه كثيرة، ولكن لديها منفعة اقتصادية واجتماعية وبيئية في الوقت ذاته.
إعلان
من الدروس الجيدة التي يمكن الخروج بها من مؤتمر الأمن الغذائي الذي عقد في عمان يومي السادس والعشرين والسابع والعشرين من شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أن واقع البوادي العربية يشكل في الوقت ذاته عيّنة ممثلة للمشاكل الجسيمة التي تعاني منها الموارد الطبيعية التي تساهم في تأمين الأمن الغذائي من جهة، ومختبرا جيدا يسمح من جهة أخرى بإدراج هذه البوادي في منظومة الاقتصاد الأخضر المستدام.
الحقيقة أن البوادي العربية تحتل حيزا كبيرا من مساحة عدد هام من البلدان العربية. وهو مثلا حال الجزائر وتونس وليبيا والمملكة العربية السعودية والعراق وسوريا والأردن، بل إن مساحة البادية في الأردن أكثر من ثلاثة أرباع مساحة البلد الإجمالية.
وإذا كانت ندرة الموراد المائية مسألة تطرح في كل البلدان العربية، فإن شح المياه مشكلة ما انفكت تتفاقم في البوادي العربية التي يتراوح معدل الأمطار السنوية فيها بين مائة ومائتي ملم. ويعزى تفاقم المشلكة إلى عدة عوامل من أهمها تزايد فترات الجفاف بسبب التغيرات المناخية القصوى، واستنزاف مياهها الجوفية لعدة أغراض منها سقي مزروعات معدة إلى التصدير أو نقل جزء من هذه المياه الجوفية إلى المدن.
أمام هشاشة الظروف المناخية وقلة الأراضي التي تصلح للزراعة في مثل هذه المناطق منذ قديم الزمان، ظلت تربية الماشية النشاط شبه الوحيد الذي يعيش عليه سكان البوداي العربية. ولكن مراعي البوادي مصابة اليوم بالإجهاد بسبب الرعي الجائر.
هل يعني هذا أن البوادي العربية التي لديها مكانة هامة في تاريخ العرب وموروثهم الثقافي والاجتماعي، محكوم عليها بالموت؟
الواقع أن كل النقاشات التي جرت في عمان في إطار مؤتمر الأمن الغذائي الأخير الذي نظمه المنتدى العربي للبيئة والتنمية، تبرز على عكس ذلك أنه بالإمكان تحويل البوداي العربية أو ما تبقى منها في المستقبل إلى أداة فاعلة للتكيف مع التغيرات المناخية القصوى من خلال الاعتماد على العلم والمعرفة وانتهاج سياسات عامة في مجال التنمية المستدامة تقوم على الحكم الرشيد .
يتأتى ذلك مثلا عبر الحد من نشاط الرعي والتعويض عن خسائر هذا الإجراء عبر تعزيز أنشطة أخرى تخدم سكان البوادي والبيئة ومنظومة الاقتصاد الأخضر برمتها.
من هذه الأنشطة مثلا تنمية قطاع زراعة النباتات العطرية وتنمية مراع للنحل تجعل من البوادي العربية معينا للعسل العضوي، وإقامة مزارع شاسعة لفاكهة للصبّار التي تساهم في تثبيت التربة.
هذا وقد أثبتت تجارب كثيرة في العالم أن الصبار الذي يتحمل الجفاف يمكن أن يساهم بشكل فاعل في التنمية المستدامة عبر منتجاته المتعددة ومنها على سبيل المثال لا الحصر زيوته النباتية التي تعد من أغلى الزيوت النباتية في العالم.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك