نصادف من حين لآخر مصابين بانحراف في الفم إلى إحدى الجهتين، مع عدم قدرتهم على إغلاق العين وانعدام التعابير في نصف الوجه، وهذا ما يسمى بشلل الوجه النصفي المحيطي أو "اللقوة" في التعبير الشعبي.
يقع شلل الوجه النصفي إمّا على النصف الأيمن من الوجه وإمّا على النصف الأيسر منه، طبقا للجهة الموافقة لحدوث ضرر عصب الوجه. ينجم شلل الوجه عن ضرر لحق بالعصب السابع، أحد الأعصاب الاثني عشر المتفرّعة من الدماغ. العصب السابع مسؤول عن أغلب حركات وتفاصيل الوجه الدقيقة، كما أنه يساهم في إيصال الإحساسات إلى الدماغ، خصوصًا بالنسبة لأغلب أجزاء الأذن واللسان، بالإضافة إلى إشرافه على عمل الغدة اللعابية النكفية والغدد الدمعية.
تندرج 72 % من حالات شلل الوجه ضمن شلل بيل الذي يحصل لأسباب مجهولة ومن دون أي أعراض مسبقة. لقّبت "اللقوة" بشلل بيل تيمّنا بالجراح البريطاني تشارلز بل الذي شرح وظائف أعصاب الوجه عام 1823 ووصف هذا المرض وصفًا دقيقًا. يضرب شلل بيل ثلاثين شخصا من أصل مئة ألف بشري ويحصل بالتساوي لدى الرجال والنساء ويطرأ أكثر ما بعد عمر الأربعين. 10% من الناس الذين يتعرّضون لشلل الوجه النصفي يكونون من مرضى السكّري وهؤلاء يظلوّن أكثر شريحة معرّضة لهذا النوع من الشلل الذي يكون حميدًا، وتُشفى منه 90% من الحالات بغضون أسابيع قليلة.
ما قد يعطّل عمل العصب السابع ويوقعه في تورّم يتلخص بمجموعة عوامل متفرّقة ومتشعبّة كأن مثلا يصحو في الجسم فيروس الهربس Herpes simplex 1 أو كأن يتعرّض الانسان لمحنة نفسية أو لعدوى الأنفلونزا أو لعدوى جرثومية أخرى.
تتطور أعراض اللقوة المحيطية بشكل تدريجي مباغت بين ليلة وضحاها. وتتميّز بتدلي وبارتخاء في عضلات الجبهة وحاجب العين مع صعوبة في إغلاق العين وصعوبة في إطباق الشفتين وشعور بثقل اللسان وبفقدان حاسة الذوق. فيصبح الوجه خاليًا من التعابير. قد يكون السبب الخفيّ لاندلاع اللقوة إصابة الإنسان بمرض خطير كالتهاب الأذن الوسطى وكداء لايم وكالتهاب السحايا المزمن وكالمرض المناعي sarcoïdose.
غالبية الأدوية التي تعطى لتسكين وتخفيف التهابات اللقوة تكون لفترة قصيرة لا تتعدّى الأسبوعين. يتركّب العلاج الدوائي من مضاد الالتهاب الستيروئيدي المنبثق من الكورتيزون ( (Prednisolone الذي يُعطى بجرعة 80 ملليغرام مرّة في اليوم لمدة أسبوع ثم تخفض الجرعة تدريجيًا خلال الأسبوع التالي.
ويُضاف إلى هذا الدواء عقار آخر مضاد للفيروسات هو Aciclovir الذي يُعطى بجرعة 400 ملليغرام لمدّة عشرة أيّام. إلى هاذين الدواءين يصف الأطباء الفيتامين A من أجل وقاية العين من التهابات القرنية ويُطلب من المصاب باللقوة وضع الدموع الاصطناعية لمنع جفاف العين التي بحالة الشلل النصفي تبقى مفتوحة طوال الوقت.
بما أنّ شلل الوجه النصفي يؤثر على نفسية المريض بسبب بشاعة الطلّة، يترافق العلاج الدوائي مع الدعم النفسي للمريض وتكرار الزيارات بين الطبيب والمريض لزيادة ثقة المريض بالشفاء.
كما أن الخضوع للعلاج الفيزيائي وإعادة تأهيل عضلات الوجه يلعب دورا في عودة الوجه إلى ما كان عليه ما قبل اللقوة. ولذلك إنّ تمارين التدليك اليدوي لعضلات الوجه بالاتّجاه السفلي ونفخ الهواء في الخدّين مع تحاشي تمرين العبوس ورفع الحاجبين للأعلى تعتبر علاجا تلطيفيا يأتي تباعا لحبوب الأدوية الفموية.
إنّ اللقوة أو شلل الوجه النصفي لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالفالج أو بالجلطة الدماغية لأن جلطة الدماغ تتسبّب بشلل الأطراف السفلية والعلوية واللعثمة في الكلام وتشويش الوعي والفهم والذاكرة ما لا يحصل في أعراض اللقوة. من باب الطمأنة، يُستحسن أن يخضع المصاب بشلل الوجه لفحص التصوير بالرنين المغناطيسي IRM أو MRI.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك