في منتصف الأسبوع المنصرم، صدر عفو ملكي استثنائي لصالح هاجر الريسوني وخطيبها والفريق الطبي. هاجر كانت متابعة بالعلاقة الجنسية خارج الزواج والإجهاض، وصدرت في حقها وحق خطيبها والفريق الطبي عقوبات سجنية قاسية.
هذا العفو الملكي هو خطوة أساسية لدعم وترسيخ النقاش المجتمعي حول العلاقات الرضائية في المغرب. لم يعد من المقبول اليوم أن تتدخل السلطات في الحياة الخاصة للأفراد الراشدين وفي اختياراتهم الفردية.
سيقول قائل بأن في الأمر احتراما للشريعة الإسلامية التي تحرم الجنس خارج الزواج.
لكن، منذ متى كان يمكن أن نفرض على الأشخاص احترام الدين باسم القانون؟ هل يمكن أن تكون متدينا، فقط لأن القانون يفرض عليك ذلك؟
ثم، وكما قال الباحث محمد عبد الوهاب رفيقي في إحدى ندواته، إذا قررت الدولة أن تدخل الناس السجن لأن العلاقات الجنسية خارج الزواج حرام، فعليها أن تضع شرطيا على رأس كل مواطن لتعاقب بالسجن الكاذب، فالكذب حرام. وتعاقب خائن الأمانة، لأن خيانة الأمانة حرام. وتعاقب عاق الوالدين، وتعاقب بالسجن تارك الصلاة ومن لا يعطي الزكاة، وتعاقب من يملك المال ولا يذهب للحج. على الدولة أن تعاقب بالسجن كل من يتوجه لألعاب الحظ التي ترخص لها الدولة، بل وتستفيد من ضرائبها.
يبدو كل هذا عبثي؟ بالتأكيد... تماما كما هو عبثي أن تعاقب الدولة أشخاصا راشدين بسبب اختيارات فردية، سواء جنسية أو دينية.
الإيمان والممارسة الدينية لا يمكن أن يفرضا باسم القانون. هي قناعات شخصية على الجميع، أفرادا ومؤسسات، احترامها.
دور الدولة أن تعاقب كل فعل يمس سلامة الآخرين: الاعتداءات الجنسية على الراشدين والأطفال، السياقة في حالة سكر، السرقة، العنف بكل أشكاله...
العفو الملكي على هاجر وخطيبها والفريق الطبي لا يعني حلا لمشكلة القوانين التي تقيد حرية الأفراد في المغرب، فهناك الآلاف من هاجر في السجون اليوم. لكن هذا العفو خطوة أساسية لترسيخ النقاش العمومي حول الحريات الفردية في المغرب.
سنكون مجتمعا ناضجا... حين سنتعلم تدبير اختلافاتنا واحترامها. كل الاختلافات، الجنسية منها والدينية والفكرية.
سناء العاجي
كاتبة وصحافية مغربية، لها مشاركات عديدة في العديد من المنابر المغربية والأجنبية. نشرت رواية "مجنونة يوسف" عام 2003 كما ساهمت في تأليف ثلاث كتب مشتركة: "رسائل إلى شاب مغربي"، "التغطية الصحافية للتنوع في المجتمع المغربي" و"النساء والديانات". نشرت عام 2017 كتاب "الجنسانية والعزوبة في المغرب"، وهي دراسة سوسيولوجية قامت بها للحصول على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع من "معهد الدراسات السياسية" في إيكس أون بروفانس بفرنسا.
فيس بوك اضغط هنا
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك