شاهدت خبرا عن انتحار إعلامية في بيتها، وكان تساؤل الكثيرين كيف انتحرت وهي البارحة تواصلت معي وكانت تبدو سعيدة، هكذا قال زوجها وأصدقاؤها مشككين بخبر انتحارها.
فتحت صفحتها على الفيسبوك لأقرأ آخر ما كتبته؛ فوجدت منشورات تتعلق بعملها الذي كانت ناجحة فيه ويستدعي منها التواصل الدائم مع الناس، صورها مع زوجها، وابتسامتها الكبيرة التي تظهر سعادتها. ولكن هل فعلا كل مكتئب يبدو عليه الحزن؟ الإجابة لا.
هناك اكتئاب اسمه الاكتئاب المبتسم وبالانجليزية smiling depression؛ فأصحاب هذا النوع من الاكتئاب يعيشون حياة مزدوجة، أمام الناس يبدون سعادتهم خوفا من إظهار ضعفهم أو خوفا من التعرض للنقد أو لكي لا يوصفوا بأنهم "نكديين" وانهزاميين.
حياتهم الاجتماعية تبدو طبيعية ويمارسون عملهم أو دراستهم بشكل طبيعي، وتجدهم مبتسمين ضاحكين طوال الوقت أمام الناس. ولكنهم عندما يختلون بأنفسهم يشعرون بالاكتئاب الحاد والذي قد يؤدي للانتحار.
والمشكلة الكبرى في من يعاني من الاكتئاب المبتسم أن لا أحد يعلم بما يعانيه هذا الشخص، ولذلك لا أحد يحاول مساعدته في الذهاب لطبيب، فهو الوحيد الذي يعلم عن اكتئابه هذا.
ومؤخرا قامت حملة بعنوان "أنت لست وحدك" وهي موجهة لمن يعانون من الاكتئاب ولا يظهرونه.
وبحسب المواقع الطبية قد لا يكون هناك سبب واضح لهذا الاكتئاب، فالشخص قد يكون ناجحا في عمله وحياته الشخصية ويفاجأ المقربون منه بخبر انتحاره.
ومن اعراضه؛ التغير في الشهية والوزن وساعات النوم، الشعور بعدم الثقة بالنفس وبالإنهاك المتواصل وفقدان الاستمتاع بالأشياء التي كان يحب الشخص ممارستها.
إن كنت تعاني من هذه الأعراض، لا تتردد في الذهاب إلى مختص لمساعدتك.
واجبنا جميعا أن نطمئن على المقربين منا ولا نستنكر شعورهم بالإحباط أو الحزن حتى وإن كانت حياتهم جميلة، فالاكتئاب لا علاقة له بجودة الحياة، فقد تبدو حياة المرء كاملة ولكنه لا يشعر بالسعادة. من يشاركك مشاعره خذها على محمل الجد ولا تقل له أنت تبالغ أو تتدلل، فأنت لا تعرف بما يعانيه.
تفقدوا أحبائكم يا أحبائي، ولكل شخص يعاني نقول له "أنت لست وحدك".
هند الإرياني
هند الارياني، صحفية وناشطة اجتماعية، مدافعة عن حقوق المرأة والطفل، حاصلة على جائزة المرأة العربية لعام ٢٠١٧.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك