شذى التوي وصابر بامطرف اسمان ارتبطا بعالم الرسم والموسيقى في اليمن، تحديداً صنعاء.ورغم أن أصول الزوجين تعود لمدينة حضرموت المعروفة بأنها مدينة محافظة جدا إلا أن شذى وصابر اختارا طريقا مختلفا، صابر يعزف مقطوعات موسيقية وشذى ترسم لوحاتها.
دعونا نعود للوراء.
تعرّف صابر على شذى في الجامعة، هما الاثنان يدرسان نظم معلومات ورغم أن الجامعة تفصل الرجال عن النساء، إلا أنهما استطاعا أن يتعرفا على بعضهما خلال الفعاليات المشتركة والتي غالبا ما يكون فيها اختلاط.
تزوج صابر من شذى في نهاية عام ٢٠١٤، وحقق حلمه بأن يعزف لها مقطوعة يوم حفل الزفاف.
وبعد الزفاف واستقرارهما في بيتهما الجديد، قررا أن يكتبا أهدافهما كزوجين جديدين يحلمان بحياة جميلة قادمة.
كان صابر، على عكس الكثير من الأزواج في اليمن، مشجعاً لشذى وموهبتها، فاتفقا أن تلتحق شذى بمعهد للفنون لتصقل موهبتها، ثم مستقبلا ينظّمان معرضا في أوروبا وتحديدا في مدينة باريس، فتقوم شذى بالرسم وصابر بالعزف.
ولكن للأسف ذهبت هذه الأحلام أدراج الرياح، فلم تمر إلا ستة أشهر على زواجهما حتى بدأ القصف على صنعاء. ذهبت شذى لحضرموت لأنها لم تتحمل الخوف والذعر، وظل صابر في عمله بصنعاء.
وبعد مرور أشهر وعدم توقّف الحرب كما كانا يتوقعان، قررت شذى أنها تريد العودة لصنعاء رغم استمرار القصف، فهي مشتاقة لزوجها ولم تناسبها الحياة الراكدة في حضرموت.
عندما عادت شذى كان بيت الزوجية الجديد محطما، ولكن صابر نجا لأنه كان يقيم مع والدها في بيته. تقول شذى: "خسرت الكثير من الأشياء، وشعرت بالإحباط بأننا سنعود للصفر ونبني بيتنا من جديد، ولكن ما أسعدني هو أن بيانو صابر لم يتأثر بالقصف وخرج سليما".
قررت شذى أن تقاوم الكآبة بالرسم فكانت ترسم حتى وقت انقطاع الكهرباء على ضوء الشموع، وعزلت نفسها وغطت على صوت الانفجارات بصوت الموسيقى في أذنيها وشعرت بالسعادة وكأنها انفصلت عن العالم.
ثم لاحظت أنها عندما تستمع لعزف صابر تتخيل أشكالاً وترسمها وتقترح على صابر اسماً لمقطوعته من وحي هذه الرسمة، ثم تطور هذا وأصبح صابر أيضا يستلهم مقطوعاته من رسوم شذى.
استطاع الزوجان المشاركة في معارض في صنعاء، شذى ترسم وصابر يعزف، ولكن حلمهما بأن ينشرا موهبتهما حول العالم كان يتكسر في كل مرة يحاولان السفر لحضور معرض ويتم رفض الفيزا بسبب جوازي سفرهما اليمني.
لم يمت الحلم في عيني صابر وشذى رغم الظروف التي يعيشانها، ولازال صابر يؤلف مقطوعاته الموسيقية وشذى ترسم لوحاتها.
هند الإرياني
هند الارياني، صحفية وناشطة اجتماعية، مدافعة عن حقوق المرأة والطفل، حاصلة على جائزة المرأة العربية لعام ٢٠١٧.
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك