مدونة اليوم

جمانة حداد: الأنا والآخر

نشرت في:

الناس حائرون في أمور حياتهم. بعضهم يعتقد أنه إذا كان مكشوفاً الانكشاف التام أمام ذاته والآخرين، فإنه لا بدّ من أن يكون رابحاً. بعضهم الآخر يعتقد أنه كلما ازداد تكتماً وانغلاقاً وأسراراً، ازداد قدرة على حصد السعادة وأمور أخرى.

مونت كارلو الدولية
إعلان

 

أعرض لهذه المسألة في ضوء النتائج التي توصلت اليها دراسة جديدة في هذا الصدد، وخلاصتها أن المنفتحين على الآخرين يتمتعون بأكثر الشخصيات سعادة وهم أقل عرضة للأفكار السلبية والندم، بينما ان المنغلقين يتميزون بالقلق وسرعة الغضب والعصبية، وهم في النتيجة أقل سعادة.

ما يهمّني من هذه الدراسة ليس فقط الشروط التي تجعل النفسية البشرية مرتاحة ومتوازنة وسعيدة. ما يهمّني حقاً هو موضوع الانفتاح، لأنه لطالما كان في رأيي شرطا جوهريا لحياة طبيعية. وإذ أقول حياة طبيعية، فلأني متأكدة من أن المرء، أكان رجلاً أم امرأة، لا يستطيع أن يحيا داخل جدران نفسية مغلقة، تحول بينه وبين أن يرى ما هو أبعد من منخريه. نحن نحتاج الى الآخر. هذه هي حقيقتنا المطلقة. بدون الآخر، نصبح كمن لا يملك هواء يتنفسه، فيختنق مسموماً بهوائه.

 

شاعرة وكاتبة وصحافية لبنانية، مسؤولة عن الصفحة الثقافية في جريدة "النهار" في بيروت. أستاذة في الجامعة اللبنانية - الأميركية وناشطة في مجال حقوق المرأة. أسست مجلة "جسد" الثقافية المتخصصة في آداب الجسد وعلومه وفنونه. أصدرت عشرات الكتب في الشعر والنثر والترجمة وأدب الأطفال لاقت صدى نقدياً واسعاً في لبنان والعالم العربي وتُرجم معظمها إلى لغات أجنبية. نالت جوائز عربية وعالمية عديدة. من آخر إصداراتها "هكذا قتلتُ شهرزاد" و"سوبرمان عربي".

فيس بوك اضغط هنا

تويتر اضغط هنا

 

لا أدعو الى أن يكون المرء بانفتاحه مشرِّعاً ذاته تشريعاً يحرمها خصوصياتها وحميمياتها وتوازناتها الأساسية. لا. ليس هذا ما أقصده بالانفتاح. بل أن يكون هذا الشخص مقيماً تحت ضوء مشترك مع الآخرين، يجعله أكثر إشراقاً وتنوعاً وغنى، وفي الآن نفسه أكثر تماسكاً وتجذراً وارتباطاً بجوهر ذاته.

هذه معادلة لازمة وضرورية، بدونها لا يستطيع المرء أن يحيا، وخصوصاً في هذا العصر البالغ التغير، والمليء بثورات التكنولوجيا ووسائط التواصل الافتراضي والواقعي. ثم هل الآخر سوى أحد وجوهنا المتعددة؟ فلنعانقه.
 

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية

شاهد الحلقات الأخرى