سناء العاجي: زواج حلال؟

تفتقت عبقرية الكثيرين، وخصوصا في دول المشرق، عن أنواع من الزيجات تتلاءم مع إكراهات هذا وذاك: زواج المسيار الذي يعفي الزوج من حق الزوجة في السكن والمبيت والنفقة؛ زواج الشنطة لكي يعيش الشخص علاقاته الجنسية بحرية وهو على سفر، دون إحساس بالذنب لأنه يمارس ما يحرمه الدين؛ الزواج العرفي الذي يعتبره الكثيرون حلالا في حين أنه يناقض أحد شروط الزواج في الإسلام وهو الإشهار؛ زواج مع نية الطلاق كالذي أفتى به بعض المشايخ للطلبة الأجانب الذين يعيشون في دول أوروبية أو أمريكية ويخافون ارتكاب المعصية... إلى آخره.

بالفعل، الطلاق ليس حراما في الإسلام وهو قد يكون حلا حين تستحيل الحياة بين اثنين. لكننا حين نتزوج بنية الطلاق، فنحن هنا نقوض أهم أسس الزواج وهو نيةُ تكوين أسرة والعيشُ المشترك مع ذلك الشخص. حين نتزوج بنية الطلاق أو فقط بمناسبة سفر مثلا، فنحن نشرعن لعقد زواج مؤقت، وهو ما يتناقض مع مفهوم الزواج دينيا وأخلاقيا واجتماعيا. أن يحدث الطلاق لعدم الاتفاق يختلف تماما عن أن يحدث الطلاق لأن الشخص المعني كان ينوي منذ البداية أنها مجرد زيجة مؤقتة.

هل تكفي أشكال الزيجة هذه لكي تكون العلاقة حلالا؟ هل ترتاح فعلا ضمائر من يمارسونها؟ وهل يؤمنون فعلا أنهم على صواب؟ أم أنهم يكتفون بالتحايل على الدين؟ نحن قد نتحايل على الوثائق ونماطل القانون والإدارة، لكننا في علاقتنا بأنفسنا وفي علاقتنا بالله، فنحن نعرف أن نية العلاقة الإنسانية الصافية غير متوفرة.

الزواج ليس جملة ينطقها طرفان لكي تصبح العلاقة الجنسية حلالا. الزواج قبل أن يكون عقدا، هو اتفاق إنساني حول علاقة إنسانية يجب أن يشوبها الاحترام للآخر وللعلاقة ككل... قد تنتهي في بعض الحالات بالانفصال... لكننا حين نُحولها لمجرد واجهة نغطي بها علاقاتنا الجنسية، فنحن نفقدها جوهرها الديني والإنساني والأخلاقي....