مدونة اليوم

غادة عبد العال: قوم من الحلاليف

نشرت في:

كلمة حلوف هي كلمة بنستخدمها أحيانا في حياتنا و إن كانت أهميتها قد تراجعت قليلا في العصر الحديث لتحتل مكانها كلمات كوول أو أروش أو أكثر مناسبة للجيل الجديد ، لكن كحال اللغات الحية فالكلمات ممكن يكون ليها دورة حياة تقترب فيها من مرحلة الموت لكن تتغير الظروف و الأحوال و يحدث موقف ما يستدعي وصف لا تسعفنا بيه اللغة الحديثة فنبحث طويلا في ذاكرتنا عشان نطلع بكلمة تناسب الموقف .. كما خرج لنا مثلا محمد سعيد الصحاف وزير الإعلام العراقي إبان الغزو الأمريكي بكلمة "علوج" .. أجد أنا و الكثيرين اليوم حاجة ماسة للعودة لاستخدام كلمة حلوف .. لوصف مجموعة من البشر المقيمين في نفس موقعنا الجغرافي الممتليء بمختلف أنواع البشر و أشباه البشر على حد سواء .

مونت كارلو الدولية
إعلان

الحلوف في المعجم هو الخنزير .. ربما كان وصفا مرتبطا بشهيته التي لا تفرق بين الغث و السمين من مصادر الطعام .. فالخنزير يشتهر في منطقتنا العربية بأكله للقمامة .. أما المواطن الحلوف اللي بيسكن نفس ذات المنطقة فهو المواطن الذي يشتهر مش باستهلاكه لكنبإنتاجه القمامة .. فكلماته مصدر من مصادر القمامة .. و أفعاله لا تختلف كثيرا عن القمامة .. و مشاعره قد اهترأت و تعفنت و تحللت حتى صار مكانها الوحيد هو أكوام القمامة!

المواطن الحلوف هو مواطن ميت الضمير و المشاعر الإنسانية .. يطالع صورة لجثة طفل ملقى على شاطيء بعد فشل محاولة عائلته لإيصاله لمكان يحترم آدميتهم و آدميته فرارا من بلد يحتل سماءها دخان البراميل المتفجرة .. فلا يرى المواطن الحلوف في الصورة سوى دافع ليتفاخر بحكمه الفاشي ليقارن بين شعب !جيشه انخرط في صراع مسلح و شعب آخر يرزخ تحت حكم ديكتاتوري لكنه يدعمه لظنه أنه يحميه

مدونة وكاتبة مصرية ساخرة تمارس مهنة الصيدلة. بدأت مدونتها "عايزة اتجوز" عام 2006 قبل أن تنشر في كتاب عام 2009 تُرجم إلى لغات عدة عالمية منها الفرنسية وعرض في مسلسل حصل على الجائزة الفضية في مهرجان الإعلام العربي وحصلت عنه عبد العال على جائزة أحسن سيناريو. تكتب منذ 2009 مقالاً ثابتاً في الصحافة المصرية.

فيس بوك اضغط هنا

 

المواطن الحلوف يشاهد رؤسا مقطوعة لأناس لا يعرف عن حياتهم شيء .. لا عارف تاريخهم و لا ما يؤمنون بيه بشكل شخصي و لا مكانهم على سلم الإنسانية أو الضمير .. لكن المواطن الحلوف يهلل و يكبر فقط لأن تلك الرؤوس قد فصلت على أيدي من يتشدقون بإسم الدين!

 

المواطن الحلوف بيتلذذ بمشهد التحرش بسيدة أو فتاة .. ربما لأن غيره قد نفذ رغبته الدنيئة في إنه يطولها .. المواطن الحلوف يستمتع في المجمل برؤية الضعفاء و هم بيعنفوا و يتم إيذاءهم بدون سبب إنساني منطقي مفهوم غير إنه ببساطة .. حلوف!

 

المواطن الحلوف شاهد حلأسبوع الماضي حادث مأساوي لغرق أكتر من ٣٠٠ شاب في مقتبل أعمارهم على مركب هجرة شرعية .. فانطلق يقلش عن السمك اللي بطنه هتتملى و ينبسط .. أو يحاكم و يسب من حاولوا النفاد من نفس المجتمع اللي هو شخصيا بيجاهد عشان يبعد عنه لسنتين في الخليج أو ٢٠ في استراليا .. و يستغرب من الناس اللي بتدفع ٣٠ ألف جنيه عشان يهاجروا مع إنهم يقدروا يعملوا بيها مشروعات في بلدهم و ما يخاطروش !

 

يكتب المواطن الحلوف هذا الرأي العميق مستخدما كيبورد جهاز اللابتوب الخاص بيه اللي كلفه هو و جهاز تليفونه المحمول اللي يرقد بجانبه ما يزيد على ١٠ آلاف جنيه !

 

المواطن الحلوف هو ظاهرة طاغية في مجتمعاتنا اليوم .. تتطور و تتزايد و تتعملق و لا و لن تنتهي .. نفقد جميعا إنسانيتنا رويدا رويدا .. طالما الدور لسه ما جاش علينا .. و عايشين نوع من أنواع الاستقرار و الأمان .. لكن يوم ما الحال ده يتغير هيبحث الكل على يد المساعدة ممن حوله .. فيفاجأ بأننا كلنا تحولنا لقوم من الحلاليف!

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية

شاهد الحلقات الأخرى