في معرض الرياض للكتاب الذي اختتم أعماله يوم الجمعة الماضي، تمّت مصادرة أكثر من عشرة آلاف نسخة من 420 كتابا، وذكرت وسائل إعلام سعودية أن "إدارة المعرض منعت مئات العناوين التي اعتبرتها مخالفة للمفاهيم الدينية والسياسية والفكرية السائدة في المملكة التي تتبع نهجا محافظا"، ومن بينها دواوين محمود درويش التي رأى رجالُ دين أنها تتضمّن "عبارات زندقة وكفر وإلحاد!".
صفحة الكاتبة بالفيس بوك اضغط هنا
لم يستوقفني هذا الخبر لأنه أثار استغرابي، فما يأتي من المملكة من أخبار يتجاوز وقعُه بأشواط وقعَ مثل هذا النبأ عليّ. إلا أن ما شغلني هو رقم 10 آلاف نسخة صودرت، إذ ماذا يعني أن تسحب 10.000 آلاف نسخة من معرض؟ ثمة ما يشي بوجود مشكلة ما في موضع ما، فإما هو قصر نظر القيّمين على المعرض، أو هو خلل في التنظيم يدعو إلى استخلاص الدروس لتفادي تكرار ما جرى مستقبلا.
فما الذي يضطرّ المنظّمين أصلا لفتح باب جهنّم الإعلام عليهم حين يستطيعون، وبكل بساطة، أن يقوموا بتصفية الكتب وتنقيتها، حتى قبل أن تدخل المملكة ؟أعني ماذا لو تم تحييد الزؤان عن القمح، فطلب إلى كل دار نشر، كشرط للمشاركة، أن ترسل مسبقا قائمة الكتب التي تنوي عرضها، ليتم منع المؤلفات المخالفة للمفاهيم الدينية والسياسية والفكرية السائدة في المملكة، قبل أن يتم التفكير حتى بمخالفتها !
كيف؟ بأن تولى هذي المهمة لأعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،فيُجبرون على قراءة تلك الأعمال للتأكد من حسن سلوك معانيها، ما سيلهيهم حتما عن التحكّم برقاب البشر، وما قد يسمح ربما بنفاذ لوثة الثقافة والمعرفة إلى عقولهم إن كانت هذي الأخيرة ما زالت حية ترزق.
لا يسعني إلا أن أفكّر في ما يعانيه إخواننا السعوديون من ضنك - لا أجد كلمة سواها - وفي ما يعنيه أن تمنع كتابا وقد نبتت للكلمات أجنحة ترفعها فوق كل الأسلاك.
نجوى بركات
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك