ستذكّرني كذبة الأول من نيسان دوما أنكِ ولدتِ في يوم استثنائي، وأن التاريخ هذا الذي يدعى بالفرنسية "سمكة نيسان"، هو الأقرب إليك. أنت التي من ماء ومن ربيع، أراك تتفتحين وتتدوّرين وتكبرين، تُسقطين أطرافك الصغيرة في المياه وتكركرين فرحا، ودهشة، ولا أفهم بكاءك حين أسحبك عنوة فتنسلخين.
صفحة الكاتبة بالفيس بوك اضغط هنا
من أين جاء عشقك هذا كلُّه للماء، ولا شكل له ولا لون ولا رائحة، وما الذي يُسرّ به إليك وتسرّين له، كي تفلتي مني فتجالسيه لساعات ولا تملّين ولا تشبعين، حتى أحسده وأحقد عليه وأروح أتمنى لو أنني أسيل كلّني فأصير بركة ماء دافئة تستلقين فيها ما طاب لك الاستلقاء.
منذ مجيئك، بات الربيعُ يبدأ في الأوّل من نيسان. هكذا في كل عام. منذ فتحتِ عينيك ورأيتكِ ورأيت غمّازتيك حيث هوى قلبي وغار أبدا.
تهرولين أمامي كي تفلتي مني، فينفجر وراء خطواتك ماءٌ وعشبٌ وياسمين، وتضجّ عصافيرُ كثيرة تنزل من السماء وتحطّ على كتفيك لترفعكِ قليلا كلما قفزت. وإن تعثّرتِ ووقعتِ أرضا، هرعنا إليك، الترابُ وأنا، وصرنا مخملا وقبلا تواسي دموعَك وأوجاعَك الصغيرة كي تطيب.
نمشي، ناي وأنا، ونقطف النهار، نحيّي الشجرَ ونجمع الأوراقَ وحجرا يصبح طريا حين نودعه أكفّنا. نغنّي بلغةٍ نصنع كلماتها من أصواتٍ وفرح، ثم نلقيها للكلاب والقطط الداشرة، للسمك. وحين يهبط المساء، ترفع ناي رأسها لتقطف القمر، وإن عاندها أو صدّها وامتنع، استيقظت ليلا وأيقظتني وهي تسألني أن أحملها كي تراه: ماما، أين القمر؟
وتعاند وتشاكس كي تكبر خارجي، وإن سايرتُها وابتعدتُ، لامتني وبكت. حتى أشرّع ذراعيّ فتركض إليّ وتصطدم، تختبئ وتحتمي بي من زخّات المطر.
ثلاثة أعوام صار عمرُك ناي، فكل عام وأنت، يا ابنتي، ابنتي.
نجوى بركات
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك