كلنا نتذكر حكايات حدثت في المدرسة، ولكن هذه الحكايه التي سأحكيها لكم كانت دائماً في بالي إلى يومنا هذا.
هند الارياني، صحفية وناشطة اجتماعية، مدافعة عن حقوق المرأة والطفل، حاصلة على جائزة المرأة العربية لعام ٢٠١٧.
هي قصة فتيات بالمدرسة مثل الكثير من البنات في العالم في سن المراهقه حبو يشاغبوا..فقاموا جابو مفرقات، مش مفرقات خطره مجرد مفرقعات اللي يلعبوا فيها الأطفال وصوتها مزعج.
فالبنات هؤلاء في كل حصه يرموا هذه المفرقعات والصراحة أنا كنت أرتعب وكنت متضايقه من الصوت لكن ما أتوقعت أن الأمور تكبر لهذا الحد.
في يوم فاض الكيل بواحده من المعلمات فقررت تستدعي الأخصائيات عشان يحلوا مشكلة الأصوات اللي بتحصل خلال الدرس، وفعلاً جاؤوا الأخصائيات وفتشوا شنط البنات، وكانت من ضمنهم فتاة تفاجئنا كلنا أن في شنطتها مفرقعات، لإنها فتاة مجتهدة وهادئة، ولم تقم بأي مشاغبات مسبقاً ولكن يبدوا أنها كانت تخبئ المفرقعات دون أن تستخدمها.
المدرسة عاقبت البنات كلهم اللي بحوزتهم المفرقعات، وكان العقاب الطرد لمدة ثلاث أيام واستدعاء أولياء أمورهن. بالنسبة للبنات المتعودين على المشاغبه فالإجراء كان عادي . بالنسبة لهذه الفتاه فالأمر كان مختلف تماماً. يبدو أن والدها كان صارم جداً فعندما علم بخبر طردها واستدعاءه جن جنونه.. وقرر أن يخرجها من المدرسة ليس لكي ينقلها لمدرسة ثانية وإنما لكي يزوجها ، كنا وقتها في الصف الثالث الإعدادي يعني أعمرانا لا تتجاوز الـ13 سنه. وهكذا البنت حرمت من التعليم واختيارها لشريك حياتها.
المعلمه شعرت بتأنيب ضمير وأن الموضوع أخذ منحى أكثر مما يستحق، حاولت الاتصال بوالد الفتاة ولكن بدون فائدة، ولازلت أذكر نظرات المعلمه الحزينه وشعورها بالندم رغم أني لا ألومها فهي تصرفت مثل أي معلمه كانت ستتصرف في مكانها.
لماذا لم أستطع أن أنسى هذه القصة رغم أن هناك الكثير من الفتيات تزوجن ونحن في المدرسة حتى بعمر 11 سنه في أول إعدادي، ولكن الفتيات الأخريات كنت أشعر بأنهن سعيدات سواء كان القرار هذا في مصلحتهن أم لا، ندمن عليه أو لا..ورغم أن بهذا السن الصغير القرارات تكون متأثره باختيارات الأهل ولها عواقب وخيمه جسدياً ونفسياً. ولكن الفتاة هذه كانت مختلفة كانت تريد أن تتعلم، كانت مجتهده.. لم تكن تريد أن تحرم من اكمال تعليمها وتذهب للزواج في هذا السن عقاباً لها على أول خطاً تفعله في المدرسة.
تمنى أن أعرف ماهي أخبارها وأين صارت. لعلها فيما بعد تمردت وأختارت أن تكمل تعليمها ولعل هذا يجعلني أنسى قصتها التي لم استطع نسيانها بعد كل هذه السنين.
هند الإرياني
"هذه المدونة باللغة العامية"
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك