أحلى ما في موسم المونديال، الذي يحلّ كل أربع سنوات، أنه ينسينا، طوال شهرٍ تقريباً، وحول السياسة اللبنانية وقرف الزعماء والضيق الاقتصادي والأفق المسدود وسواها من مشكلات لا تحصى نتخبط فيها.
شاعرة وكاتبة وصحافية لبنانية، مسؤولة عن الصفحة الثقافية في جريدة "النهار" في بيروت. أستاذة في الجامعة اللبنانية - الأميركية وناشطة في مجال حقوق المرأة. أسست مجلة "جسد" الثقافية المتخصصة في آداب الجسد وعلومه وفنونه. أصدرت عشرات الكتب في الشعر والنثر والترجمة وأدب الأطفال لاقت صدى نقدياً واسعاً في لبنان والعالم العربي وتُرجم معظمها إلى لغات أجنبية. نالت جوائز عربية وعالمية عديدة. من آخر إصداراتها "هكذا قتلتُ شهرزاد" و"سوبرمان عربي".
فيس بوك اضغط هنا
تويتر اضغط هنا
مع الفوتبول نغادر أنفسنا وحيواتنا لبعض الوقت، ننعتق مما يقلقنا ويؤلمنا ويخنقنا. نرجع أطفالاً ومراهقين. نقفز. نتحمس. نصرخ. نضحك. نشاهد المباريات مع الأصدقاء والأخصام. نصفّق للاعبين ولحرّاس المرمى، وتكون الملاعب كلها لنا.
اليوم، في مناسبة هذا المونديال الجديد، نشعر نحن اللبنانيون كمن تلقى هدية لا تقدر بثمن، بينما نعيش مرحلة من اليأس الشديد. كم جميل اننا لن نحضر حلقات الـ"توك شو" طوال شهر. لن نسخّر عيوننا لرؤية المنظّرين السياسيين على التلفزيون. لن ننصت إلى تحليلاتهم الفذّة. سنوقف الاهتمام بالانتخابات وبالمرشّحين. لن ننتظر دعوةً من مجلس نوّاب. ولا من حكومة. لن نحتاج إلى الدستور والتظاهرات والضغوط. سوف نتابع المبارايات بالإجماع.
لن تحول دون فرحنا خطابات ولا خطابات مضادة. ولا الأوضاع الأمنية. ولا غلاء الأسعار. ولا بؤس المعاشات. ولا انقطاعات الكهرباء. ولا شحيح المياه. ولا عجقة السير. سنخدع الحياة التي تقتلنا. نحن النساء والرجال، الأطفال والشيوخ، الآباء والأمهات، الفتية والفتيات، سنكون جميعا على الموعد. وليعلم السياسييون أن لا شيء سيمنعنا من التهييص طوال هذا الشهر، لا بياناتهم الكريهة، ولا تحريضاتهم، ولا أكاذيبهم ولا خبثهم ولا انقساماتهم ولا وعودهم الفارغة. هم أصلاً يتعاملون معنا وكأننا كرةٌ بين أقدامهم، يتقاذفونها من جهة الى ثانية: فلنكن في مناسبة كأس العالم الكرة التي تسجل هدفاً في مرماهم. فلنكن ضربة الجزاء التي تعاقبهم على استخفافهم بنا.
أجل، موسم المونديال حان أيها الصديقات والأصدقاء، فلتذهب السياسية الى الجحيم. نريد أن نلعب.
جمانة حداد
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك