مدونة اليوم

جمانة حداد: "تيتانيك"

نشرت في:

لا أعلم لماذا أجدني في هذه الأيام أتذكر يومياً حادثة غرق التيتانيك. ربما لأن باخرة التيتانيك العظمى التي اسمها العالم العربي، والمشرفة على الغرق المتواصل، المضني والبطيء، تقضّ مضاجعي ومضاجع كثيرين.

مونت كارلو الدولية
إعلان

 

 

ألا تشعرون مثلي أننا على متن سفينة ضخمة تغرق ببطء؟ ألا تحسّون أن هذه الحياة العربية مفخخة بكارثة، بل بكوارث، على وشك الحدوث في كل لحظة؟

شاعرة وكاتبة وصحافية لبنانية، مسؤولة عن الصفحة الثقافية في جريدة "النهار" في بيروت. أستاذة في الجامعة اللبنانية - الأميركية وناشطة في مجال حقوق المرأة. أسست مجلة "جسد" الثقافية المتخصصة في آداب الجسد وعلومه وفنونه. أصدرت عشرات الكتب في الشعر والنثر والترجمة وأدب الأطفال لاقت صدى نقدياً واسعاً في لبنان والعالم العربي وتُرجم معظمها إلى لغات أجنبية. نالت جوائز عربية وعالمية عديدة. من آخر إصداراتها "هكذا قتلتُ شهرزاد" و"سوبرمان عربي".

فيس بوك اضغط هنا

تويتر اضغط هنا

 
كلما نظرتُ حولي في شؤون المدن والناس، الأنظمة والطقوس والقوانين والآلام والأوجاع، وشجون العنف والحرب والتخلف والقمع والجوع والفقر، الفرديّ منها والجماعيّ، ثبت لديّ أننا حقاّ على متن باخرة مشرفة على الغرق، وليس من قبطان.
 
جبل الجليد الذي اصطدمت به باخرة التيتانيك، موجود فينا، في رؤوسنا، وليس فقط أمامنا. وإذا كان ممكناً أن تغيّر باخرة خطّ سيرها فتتجنب الاصطدام، فكيف نتجنّب جبال الجليد المتراكمة في العقول العربية، وفي الأنظمة العربية، وفي القوانين والعادات والأعراف والتقاليد والقيم العربية، والتي تسرّع انحدارنا الى تحت، الى حيث لا خلاص ولا قدرة على الصعود مجدداً الى أفق الأمل والضوء والتقدم والحرية؟
 
ما الذي يمكن أن يمنع الاصطدام؟ من يمنع الاصطدام؟ كيف نمنع الاصطدام؟ هذه أسئلة لا بدّ منها. فوحدها الأسئلة تحضّ على مساءلة العقل، وتضع المرء أمام حقيقة واقعه وحجم مسؤولياته. لكن لا أحد، تقريباً، يعير هذه الأسئلة اهتماماً، في أوساط المسؤولين.
 
السفينة تغرق أيها السيدات والسادة. سفينتنا تغرق بنا، وليس من بوصلة، وليس من قبطان، وليس من نداءات استغاثة.
 
وإذا كان قد نجا من باخرة التيتانيك من نجا، فإن باخرتنا، إذا غرقت، فلن ينجو منها أحد. فلا بدّ من إطلاق صفّارة إنذار، إنذار في الأقل، قبل أن يفوت الأوان، ويبتلعنا العدم.
جمانة حداد

 

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية

شاهد الحلقات الأخرى