لِمَ الكذب على الذات؟ الأكيد أني لا أحبّ واقع أني أتقدّم في العمر. الأكيد أني لست مولعة بالتجاعيد الصغيرة اللئيمة التي بدأت تظهر على وجهي، وإن يكن حبيبي يقسم لي ساخراً أنها لا تُرى حتى بالميكروسكوب؛ والأكيد أيضاً أني لستُ متسامحة مع الشعرات البيضاء التي أرصدها بين الفينة والفينة في رأسي، فأسارع إلى اقتلاعها بملقط الشعر، وتنهرني والدتي: "يا مجنونة! كلّما اقتلعتِ واحدة نبتت لكِ عشر بدلاً منها".
شاعرة وكاتبة وصحافية لبنانية، مسؤولة عن الصفحة الثقافية في جريدة "النهار" في بيروت. أستاذة في الجامعة اللبنانية - الأميركية وناشطة في مجال حقوق المرأة. أسست مجلة "جسد" الثقافية المتخصصة في آداب الجسد وعلومه وفنونه. أصدرت عشرات الكتب في الشعر والنثر والترجمة وأدب الأطفال لاقت صدى نقدياً واسعاً في لبنان والعالم العربي وتُرجم معظمها إلى لغات أجنبية. نالت جوائز عربية وعالمية عديدة. من آخر إصداراتها "هكذا قتلتُ شهرزاد" و"سوبرمان عربي".
فيس بوك اضغط هنا
تويتر اضغط هنا
أروح أتخيّل مشهد رأسي مكللاً بالبياض "الجليل"، وأرتعد همّاً، رغم أن نظرية أمّي تلك غير مدعومة بأي إثبات علمي حقيقي. "الشيبة هيبة"؟ حان الوقت لاختراع كلمات تعزية جديدة يا أصدقائي وصديقاتي.
كنتُ دائماً أردد في طفولتي ومراهقتي أني لا أرغب في أن أعيش أكثر من 45 عاماً. أما الآن وقد بات ذلك الموعد "الحاسم" الذي ضربته لنفسي قريباً إلى حد خطير، فصرت أقول: "45 عاماً فقط؟ ولو؟ كتير قليل!". جبانة؟ لِمَ لا. ولكن الأدقّ: نهمة. أريد أن أعيش أكثر. أن أحبّ أكثر. أن أكتب أكثر. أن أضحك أكثر. أن أتألم أكثر. أن أجنّ أكثر. أن أسافر أكثر. وهلمّ.
لا أعرف ما إذا كنتُ سأعمّر طويلاً أم لا، لكني أعرف أني لا أريد أن أصير "ختيارة". لهذا السبب تحديداً أجدني أقول أحياناً لابني الصغير: "عندما تصير كبيراً، أريدك أن تتزوج بفتاة أجمل منّي". أقولها له، تلك الجملة، وأنا أعلم جوابه سلفاً. يردّ على الفور: "ليس هناك أجمل منكِ، ماما"، باقتناع قاطع، رائع، لا يشوبه أي شك أو تردّد، فأضحك على نفسي وأطمئن.
ترى، هل سوف أُختير عندما يكفّ ابني عن منحي متعة هذا الوهم؟
لَكَم أخشى ذلك.
جمانة حداد
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك