"المغاربة شعب لا يقرأ". كثيراً ما نردد جميعنا هذه العبارة. مبيعات الكتب لا تتجاوز، في أحسن الأحوال، بضع مئات من النسخ لكل كتاب. كل الجرائد الوطنية، المتخصصةِ والعامة، الأسبوعية، اليومية، الشهرية، الناطقة بالعربية أو بالفرنسية... كلها، لا تبيع أزيد من حوالي مائتي ألف نسخة لبلد يتجاوز تعداد سكانه الثلاثون مليونا.
كاتبة وصحافية مغربية، لها مشاركات عديدة في العديد من المنابر المغربية والأجنبية. نشرت رواية "مجنونة يوسف" عام 2003 كما ساهمت في تأليف ثلاث كتب مشتركة: "رسائل إلى شاب مغربي"، "التغطية الصحافية للتنوع في المجتمع المغربي" و"النساء والديانات". نشرت عام 2017 كتاب "الجنسانية والعزوبة في المغرب"، وهي دراسة سوسيولوجية قامت بها للحصول على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع من "معهد الدراسات السياسية" في إيكس أون بروفانس بفرنسا.
فيس بوك اضغط هنا
لكننا جميعا نكتفي بالنعي. أبتسم وأنا أتذكر جملة صديق يلتهم الكتب التهاما: "أن ننتظر من الكتاب أن يُنبِت أجنحة ويحلق بها وحدَه، فهذا من رابع المستحيلات".
منذ بضعة أيام، كنت أشاهد حلقة جديدة من حلقات البرنامج الثقافي الجميل "مشارف"، خطر ببالي هذا الموضوع وقلت مع نفسي: نحن جميعا نتحدث عن أزمة القراءة في المغرب ونتساءل كيف يمكن تجاوزها، في حين أن برامج كهذه تخلق بالتأكيد الشهية لدى الكثيرين لاقتناء كتب الضيف وقراءتها... من خلال برنامج تلفزي هنا وآخر إذاعي هناك، يمكن أن نخلق ونطور شهية القراءة لدى الطالب ولدى المواطن عموما.
قد لا تكون هذه البرامج من النوع الذي يُعتمَد عليه لاستقطاب الإعلانات، لكنها بالتأكيد برامج تهدف لتحقيق تغيير تدريجي في المجتمع، قد يكون بطيئا لكنه بالتأكيد سيكون عميقا.
هذا طبعا ما يحدث في بلدان لها استراتيجيات ورؤى حقيقية لما تريده. بلدان تخطط وتنسق بين مختلف قطاعاتها حول الأساليب الأنجع لتجاوز الأزمات السياسية والثقافية والاقتصادية وغيرها... ونحن؟ نحن نسير بمبدأ "الحملات الموسمية" كما قلت منذ أسابيع قليلة على نفس هذا المنبر.
الأمر يستلزم إرادة سياسية وقناعة حقيقية لدينا جميعا، قُرّاءا وناشرين وحكومةً وإعلاميين بأهمية القراءة. هذا شرط أولي وأساسي قبل أن نفكر في أية حلول جدية، وإلا فسيكون الأمر مرة أخرى ترقيعيا ومبنيا على الخطاب أكثر من الفعل. الأمر ليس سهلا ولا هينا. نتائجه لن تكون سريعة. لكنها أولوية حقيقية في مغرب اليوم ومن أجل مغرب الغد.
سناء العاجي
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك