عزيزي المواطن العربي، المحظوظ بإقامته في هذا الجزء المحسود من العالم أوفي أجزاء أخرى لا تستحق الحسد بينما روحه لسه متشعلقة بأرضه وناسه، كل سنة وانت أطيب!
مدونة وكاتبة مصرية ساخرة تمارس مهنة الصيدلة. بدأت مدونتها "عايزة اتجوز" عام 2006 قبل أن تنشر في كتاب عام 2009 تُرجم إلى لغات عدة عالمية منها الفرنسية وعرض في مسلسل حصل على الجائزة الفضية في مهرجان الإعلام العربي وحصلت عنه عبد العال على جائزة أحسن سيناريو. تكتب منذ 2009 مقالاً ثابتاً في الصحافة المصرية.
فيس بوك اضغط هنا
على اعتبار إنك أكيد بالفعل طيب وإلا ما كانش ربنا ابتلاك بالعيش في هذه الرقعة المميزة من العالم عشان يختبر صبرك، أو إنك طيب لأنه أنقذك من مهرجان كل عام بتاع "إيه ده؟ إنت ناوي تعيّد و"غزة.. سوريا.. ليبيا.. البحرين.. مصر.. الصومال.. العراق.. السودان.. اليمن.. الجزائر.. لبنان" حزينة والا إيه؟".
وكونك لسه عايش لحد دلوقت وما قررتش تولع في روحك حزناً على أي مكان منكوب في عالمنا العربي، ده يعني إن حضرتك طيب، ودليل الطيابة ده يا إما إن ربنا أنزل على قلبك صبر يسمحلك تستمتع بيومين تلاتة بعيدا عن إنكسارات متوالية للمنطقة منذ فجر التاريخ، أو إن ربنا طمس على عيونك وآذانك وما سمعتش موجات التخوين اللي بيدمنها البعض وبيوجهوها لأي حد يفكر مجرد تفكير يجيب سيرة فرحة أوبهجة أوعيد.
كونك بتقدر تتجاهلهم أوتتناساهم أوتطنشهم، ده في حد ذاته مجهود عظيم. أصلهم لا يمكن هيقتنعوا إنك متأثر بالقضية.. كل قضية.. يمكن أكتر منهم. مش هيصدقوا إنك بتفتح كل يوم صور القتلى والأشلاء والدماء وبتفتكر أصحابها بالدعاء في كل ركعة في كل صلاة لأن دي حاجة بينك وبين ربنا.. مش هيفهموا إن فلوسك اللي هي أساسا مكفياك بالعافية بيكون فيها دايما نصيبا للغلابة.. سواء من ضحايا القضية دي أو القضايا السابقة أو القضايا اللي انت شخصيا من ضحاياها زي الجوع والعشوائية والبطالة والفقر والجهل، لكن برضه بتصر تتبرع للزملا الضحايا، ما الناس لبعضيها أمال إيه؟
مش هيحسوا بتأنيب ضميرك وانت بتاكل وسط عيالك وعلى شاشة التليفزيون أب بيجري بعياله بعيدا عن المناوشات.. أي مناوشات.. هم مش مهتمين يشوفوا أو يقتنعوا أو يصدقوا هم وظيفتهم فقط يولولوا. ولما تسألهم "واحتفالي أنا بالعيد يضر الضحايا أي ضحايا بإيه؟"، هيكون ردهم "ما انت لازم تتنكد يا أخي. يعني هم هيتنكدوا لوحدهم والا إيه؟". ولما تحاول تشرحلهم حقيقة إن المنطقة بكل أجزاءها عايشة عصور من النكد بتمتد آلاف السنين.. ولوفضلنا ننكد على نفسنا كل عيد هنضطر نقوم نولع في نفسنا وفي بعض من كتر الكآبة والاكتئاب ولا هننصر ضحايا ولا هنحل قضية لأننا ببساطة هنكون مش موجودين.. هنختفي. هيقولولك "ما تختفي يا أخي طالما من أجل القضية.. إنشالله حتى نختفي كلنا.. المهم القضية تعيش".
عزيزي المواطن العربي المنكوب المحسود.. تحية قلبية ليك لأنك بتقرر تتجاهلهم وتنفضلهم.. وإنك عارف إن احتفالك بالعيد وإدخال قدر يسير من السعادة على نفسك وعلى أهل بيتك مش هيضر بالعكس هيفيد.. لأن مافيش إنسان بائس يائس غاضب طول الوقت بيحل أي قضية. ما بيحلهاش غير الراجل الصابر.. المنطقي.. العقلاني.. الطيب.. يا راجل يا طيب.. كل سنة وانت طيب!
هذه المدونة باللغة العامية
غادة عبد العال
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك