اطلعتُ أخيراً على دراسة تفيد أن النساء في العالم أجمع يخصصن ما مجموعه 40 مليار ساعة كل يوم لمهام منزلية مثل جمع المياه وإنتاج الغذاء وأداء معظم مهام الرعاية.
شاعرة وكاتبة وصحافية لبنانية، مسؤولة عن الصفحة الثقافية في جريدة "النهار" في بيروت. أستاذة في الجامعة اللبنانية - الأميركية وناشطة في مجال حقوق المرأة. أسست مجلة "جسد" الثقافية المتخصصة في آداب الجسد وعلومه وفنونه. أصدرت عشرات الكتب في الشعر والنثر والترجمة وأدب الأطفال لاقت صدى نقدياً واسعاً في لبنان والعالم العربي وتُرجم معظمها إلى لغات أجنبية. نالت جوائز عربية وعالمية عديدة. من آخر إصداراتها "هكذا قتلتُ شهرزاد" و"سوبرمان عربي".
فيس بوك اضغط هنا
تويتر اضغط هنا
أذهلني هذا الرقم، بل أرعبني، بما ينطوي عليه من إهدار للاحتمالات الخلاّقة التي يزخر بها كيان المرأة، وبما يحول بينها وبين تحقيق ذاتها، وبما يفضي تالياً الى الحكم الأبدي عليها باعتبارها كائناً مستغَلاً، على كل المستويات.
ماذا يمكن النساء تحقيقه في 40 مليار ساعة يومياً؟ يمكنهنّ عيش حياتهنّ: التنعّم بطفولتهنّ، ومتابعة دراستهنّ، وتثقيف أنفسهنّ، وإثبات حضورهنّ في أسواق العمل. يمكنهنّ الصعود الى القمر. يمكنهنّ التوصل الى اختراعات تغيّر الحياة نحو الأفضل، أو إيجاد علاجات لأمراض مستعصية. يمكنهنّ القراءة. يمكنهنّ الكتابة. يمكنهنّ الرسم. يمكنهنّ الرقص. يمكنهنّ التمثيل. يمكنهنّ الإخراج. يمكنهنّ النوم. والكسل. والحلم أيضاً وأيضاً.
لا حدود لما يمكن أن تجترحه المرأة، بحضورها المعنوي، بحضورها المادي، بشخصيتها المتكاملة، بفكرها، وعقلها، وحريتها القادرة على أن تزلزل المفاهيم الثابتة، فتعيد خلقها من جديد، بما يخدم الكائن البشري، ومستقبل الحياة الإنسانية.
غالباً ما يستخدم الذكوريون حجة جبانة للهجوم على من يطالبون ويطالبن بالمساواة، فيقولون: "لو كانت المرأة فعلاً مساوية للرجل في قدراتها، لماذا عدد العالمات أقل بكثير من عدد العلماء؟ وعدد الأديبات أقل من عدد الأدباء؟ وعدد سيدات الأعمال أقل من عدد رجال الأعمال؟ وهلم.
لهؤلاء أقول: أعيدوا الى النساء الأربعين مليار ساعة التي ينفقنها يومياً على شغل البيت، وخذوا ما يدهش العالم.
تصوّروا معي مثلا لو أن نساء أفريقيا يملكن وقتهنّ كاملاً: أما كانت افريقيا لتنقلب رأساً على عقب، وتصير عالماً أوّل ؟
فلنُعِد الى المرأة طاقاتها المهدورة، في كل مكان من العالم... من أجل العالم ليس إلاّ!
جمانة حداد
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك