هند الإرياني: "في بيتنا واتس آب"

هذا بالإضافة الى أنك تجد نفسك داخل مجموعة لا علاقة لك بها، ويتحدثون في مواضيع لا تهمك وتضطر لإلغاء كل هذا أو تتجاهل رسائل أفراد من عائلتك ويغضبون منك وتدخل في دوامة لا نهاية لها، لذلك ولفترة طويلة لم يكن لدي واتس آب، الى أن جاء اليوم الذي أصبح لدى والدتي واتس آب.

كانت حياة والدتي قبل الواتس آب طبيعية جداً، تتواصل مع الأهل بالهاتف ، أما الأخبار السياسية فكانت تتابعها عن طريق القنوات المعروفة. على الأقل اخطائهم أقل من وسائل التواصل الاجتماعية، حتى لو فيها أخطاء أو مبالغات لا تصل لدرجة ما نراه في وسائل التواصل.

والدتي ليس لها أي حساب في الفيسبوك ولا تويتر لذلك لا تقرأ الأخبار الغريبة الموجوده هناك، ولكن الواتس آب كان أسهل طريقة استطاعت التعامل معها وبذلك تغيرت حياتها منذ أن عرفته.

أصبحت تصلها أخبار غير حقيقية بالمره، ومواضيع تحرض طائفياً، وخفت أن تتحول أمي المسالمة الى إنسانة طائفية بسبب هذه الرسائل التي أغلبها ملفق، بحكم خبرتي كصحفية سابقاً أعلم جيداً أن أغلب الأخبار غير حقيقية.

في السابق كنت لا أستطيع أن أفرق بين خبر صحيح وخبر مشكوك في صحته، كنت أثق كثيراً في الشخصيات المعروفة.

فمثلاً اذا كتبت ناشطة شهيره عن حادثة معينه أصدق أن الحادثة حقيقية اعتقاداً مني أن لها علاقة بالقضيه وتعرف تفاصيلها فأقوم بنشرها، الى أن جاء اليوم وأصبحت صحفية وكان عليا التحقق من كل خبر قبل كتابته، اكتشفت أن الكثير من الأخبار الموجوده غير صحيحه، وان الكثير ينشر أخبار دون التأكد من صحتها.

في احدى المرات سألت احدى الناشطات في مجال حقوق الإنسان هل هذا خبر صحيح، قالت لي أنا قرأته في مكان ما ونشرته! هكذا بكل بساطة.

الشخص البسيط يعتقد بأن كل ما يصله صحيح ولا يستطيع أن يبحث ويتأكد، وأحيانا هناك من يشعر بحالة كسل ولا يريد أن يبحث أصلا ويكتفي بالتصديق.

وبذلك تمر الأخبار هكذا من واتس آب للآخر، وترى المجتمع البسيط تحول لمجتمع عدائي كل من فيه يكره الآخر بسبب فيديوهات وأخبار مفبركه.

لذلك قبل أن تنشر شيء اسأل نفسك، هل هذا الخبر سيساهم في نشر كراهية بين الناس أم لا؟ وإنت وضميرك.

هند الإرياني