مدونة اليوم

غادة عبد العال: "عن الأضحية.. وعيد اللحمة"

نشرت في:

كعادتنا مؤخرا مع كل مناسبة وطنية كانت أو دينية يبحث البعض بدأب عن أسباب مبتكرة للهري والهري المضاد.

مونت كارلو الدولية
إعلان

ولهذا انشغلت الساحة الفيسبوكية مثلا الأسبوع ده بالنقاش حول فكرة الأضحية وذبح الحيوانات وهل في حماسنا الشديد لموضوع الأضحية ده دليل على توحشنا واشتهاءنا للدم على طريقة شعار "اللي يدبح خروف النهاردة ينضم لداعش بكره"، وهل في هجوم البعض على طريقة مرمطتنا للحيوانات والتبذير الغير مبرر فيما يخص سنة لا تعتبر فرض ولا يأثم تاركها في ظل أزمات اقتصادية متتالية ومتوازية تحدي للدين؟

خلينا أولا أؤكد إني من آكلي اللحوم ولو كان للكلمات المكتوبة والمسموعة رائحة كنتوا شميتوا نص كيلو البوفتيك اللي باحمره في المطبخ أثناء كتابتي للمقال اللي بتسمعوه أو بتقروه حاليا. وبالتالي أنا مش ضد اللحمة كفكرة ولا الأضحية كطقس ديني، لكني برضه باعترض، في بلادنا العربية والإسلامية دايما بالاقيني مجبرة أسأل نفسي إحنا ليه غالبا ما بنحاولش نفكر في الطقوس الدينية اللي بنمارسها أحيانا بدون تفكير في هدفها أو في مدى قربنا أو بعدنا من تحقيق الهدف ده.

فيه فروض زي الصوم خرجنها من حيز الإحساس بالفقراء لموسم خيم رمضانية وكنافة بالمانجة ومسلسلات بالعشرات.. الحل بالنسبة لها هو محاولة التخلي عن البهرجة والقرب أكتر من هدفها.. لكن إذا كان هذا الحال في الفروض اللي لا يمكن -من منطلق ديني- المطالبة بالتوقف عنها.. يختلف الأمر قليلا في السنن. العمرة مثلا مش فرض. فيه في محيطك مثلا شخص ربنا وسع عليه فبيطلع عمرة كل سنة. وفي نفس الوقت فيه بينكم حد مشترك تعرفوا انتوا الاتنين انه بيمر بضائقة مالية طاحنة. هل فكر الأخ المعتمر إنه يتنازل في سنة عن طلوعه العمره في مقابل إنه يساعد صديقه أو معرفته أو جاره المحتاج؟ هل فكر في إن ده ممكن يخليه أقرب إلى الله لما يقضي حوائج عباده؟ هل ما خطرش في باله إن المبلغ الكبير اللي بيدفعه ممكن يحل أزمة عيلة كاملة أو يسدد دين غارم وينقذه من السجن أو يضع شاب في مقتبل حياته على الطريق الصحيح. كذلك ذبح الأضحية..

كم من الأموال بيصرف في كثير من الأحيان بنية طيبة؟ بعيدا عن دوافع البعض للتفاخر من عينة الباشمهندس اللي بيدبح كل سنة و يزين جدران عمارته بخمسة وخميسة عشان يوري الجيران إن جيب السبع ما يخلاش. أو أم محمد اللي بتتريق علي أم شيرين عشان يا دوب دبحوا حتة جدي مش عجل زيهم، بعيدا عن نقطة التفاخر بالدم وبالفروة دي، من المفترض إن الهم الأكبر للمضحي بيكون غالبا التقرب لله، والجزء الأقل بيكون رغبة في التكافل، وإطعام الفقرا والتوسيع على المحتاجين، لكن مش ممكن برضه الفلوس اللي بتروح لبند الأضحية توجه لجهات أكثر تأثير في المجتمع.. فيه ناس كتير تتمنى تديهم قرشين يصلحوا بيهم سقف متهالك أو سلم بيت مكسور أكتر بكتير ما بيتمنوا انك تدخل عليهم بكيلو لحمة، وفي ناس قسط مدرسة واحد هو اللي واقف بينهم و بين إن أولادهم يكملوا في سلك التعليم، وفيه عرايس جوازاتهم هتبوظ عشان لحاف أو مرتبة، وفيه مرضى كل اللي واقف بينهم وبين تلقيهم العلاج هو تمن مواصلة من بيتهم لباب المستشفى اللي هيتعالجوا فيها.

فبناءا عليه الأضحية زيها زي أي سنة أو واجب ديني تاني محتاج مننا نقف للحظة ونفكر ونسأل نفسنا: يا ترى السنة أو الواجب ده هدفه إيه؟ ويا ترى إحنا بالطريقة اللي بننفذه بيها فعلا بنحقق الهدف المرجو منه؟ هل لو نفذناه بطريقة تانية غير اللي وجدنا عليها آباءنا ممكن يبقى أقرب للهدف بتاعه؟ كل اللي باتمناه إنكم بجد تفكروا في الكلمتين دول.. بدون تشنج وبدون آراء مسبقة وانتوا بتتسلوا في طبق لحمة محمرة.. وكل عيد وانتوا أقرب إلى الله وإلى بعضكم!

غادة عبد العال

*هذه المدونة باللغة العامية*

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية

شاهد الحلقات الأخرى